![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() داود في نوب: عجبًا إن الذي ارتعب أمامه الوثنيون، وغنت له النساء "ضرب شاول ألوفه وداود ربواته" (1 صم 18: 7)، والذي حاز حب وإعجاب الملك وابنه وابنته والقواد وجميع الشعب... يهرب أمام الملك المرفوض. لقد جاءت ساعة التجربة المُرّة التي لا بُد لكل مؤمن أن يجتازها، حين يشعر أنه وحيد ليس من يسنده ولا من يشاركه مشاعره. جاء داود النبي إلى نوب، شمال أورشليم (إش 10: 32) بالقرب منها، حُسبت كمدينة للكهنة مع أنها لم تدرج مع مدن الكهنة في (يش 21)، إنما حسبت كذلك لأن الخيمة انتقلت إليها بعد خراب شيلوه. هناك التقى بأخيمالك الكاهن، ربما هو أخيَّا بن أخيطوب (1 صم 14: 3) أو أخوة وخلفه في الكهنوت. كان رجلًا صالحًا وهو ابن حفيد عالي الكاهن الذي صدر الحكم الإلهي بخراب بيته (1 صم 3: 13-14). عندما ذكر السيد المسيح هذه الحادثه في (مر 2: 26) قال إنها حدثت في إيام أبيأثار رئيس الكهنة، وهو ابن أخيمالك (1 صم 22: 2)، مارس الرئاسة الكهنوتية مع أبيه. إذ رأى أخيمالك داود وحده، لأن أتباعه وقفوا خارجًا في البداية ثم تقدموا؛ وربما حسب أخيمالك داود وحده لأنه كان يتوقع موكبًا من الأشراف يرافقونه بحكم مركزه في البلاط الملكي، وحسب من معه أنهم لا يُحسبون. هذا المنظر أربك أخيمالك ربما لأنه سمع أن شاول يريد قتل داود، وأن داود جاء هاربًا من وجه الملك فيحل على أخيمالك غضب الملك إن استضافه. لقد خارت قوى داود فاستخدم الخداع والمواربة ونوعًا من الكذب ليبرر موقفه أمام أخيمالك إذ قال له: "إن الملك أمرني بشيءٍ، وقال لي: "لا يعلم أحد شيئًا من الأمر الذي أرسلتك فيه وأمرتك به، وأما الغلمان فقد عينت لهم الموضع الفلاني والفلاني" [2]. كان داود رجلًا حسب قلب الله، لكنه في ضعفه كان يخطئ؛ وقد أدى ضعفه هذا وكذبه إلى عواقب وخيمة؟ [18-19]. طلب داود من خبز الوجوه، الخبز المقدس (لا 24: 5-9)، الذي كان الكهنة يضعونه جديدًا كل سبت ويأكلون القديم، ولا يحل تقديمه لغير الكهنة. ومع ذلك فقد قبل أخيمالك أن يقدمه لداود ورجاله إن كانوا طاهرين حتى من العلاقات الزوجية، ذلك لأنهم جاعوا ولم يكن يوجد خبز آخر. استخدم السيد المسيح الحادثة ليوضع لليهود كيف أنه يحل للتلاميذ أن يقطفوا السنابل ويفركوها بأيديهم ويأكلوا منها يوم السبت (مر 2: 25؛ مت 12: 3-4؛ لو 6: 3-5). يقول القديس كيرلس الكبير: [مع أن داود سلك مسلكًا مغايرًا للناموس ولكن له في نفوسنا كل إكبار وإجلال، فهو قديس ونبي... يجب أن نلاحظ أن خبز التقدمة الوارد ذكره في رواية داود يشير إلى الخبز النازل من السماء الذي تراه على موائد الكنائس المقدسة وأن جميع أمتعة المائدة التي نستعملها في خدمة المائدة السرية لهي رمز للكنوز الإلهية الفائقة ]. لم يفعل داود النبي ذلك عن تهاون بالوصية أو تراخ، لكن لم يكن أمامه طريق آخر، لذا لم يُحسب أكله هو ومن معه من هذا الخبز كسرًا للوصية. وقد حمل تصرفه هذا رمزًا إذ تمتعت الأمم لا بخبز التقدمة وإنما بجسد السيد المسيح، الخبز النازل من السماء، كمصدر شبع حقيقي للنفس. سأل داود عن وجود أي سلاح لدى الكاهن في الخيمة، فأعطاه سيف جليات الذي قتله داود في وادي البطم (السنط) ملفوفًا ربما في ثوب جليات وكان موضعًا خلف أفود الكهنة ليكون في مأمن. قال داود للكاهن: "لا يوجد مثله أعطني" [9]. كان يكفيه أن ينظر إلى السيف فتهدأ نفسه ويطمئن. كان يلزمه أن يذكر كيف وقف أمام جليات الجبار بكل سلاحه كشاب لا يملك سوى عصا ومقلاع وخمسة أحجار ملسى من الوادي، وباسم الرب غلب وانتصر. كان في نوب أحد عبيد شاول، ربما ذات الغلام الذي كان يرافقه حين ذهب يبحث عن أتن أبيه الضالة (1 صم 9: 3)، يدعى دواغ الأدومي، رئيس رعاة شاول، رجل دخيل، كان محصورًا أمام الرب [7] إما لوفاء نذر أو للتطهير. وقد أدرك داود أن في وجود دواغ خطرًا، لذا أسرع بترك المكان في ذات اليوم. لكن دواغ أبلغ شاول بما حدث وأثاره لقتل لا اخيمالك وحده بل وجميع الكهنة مع نسائهم وأولادهم مع ماشيتهم. يرى القديس أغسطينوس أن "دواغ" تعني "تحركًا" وآدوم تعني "ترابًا" أو "أرضًا"... وكأنه يمثل من يحمل "تحركًا أرضيًا" لا سماويًا، أي سلوكًا أرضيًا يفسد خدمة الرب. |
|