* قدم ذبائحه من أجل خطاياهم الخفية، وأخطائهم التي لم يعترفوا بها. إن كان أيوب يأخذ حذره هكذا من جهة الخطايا الخفية التي بغير معرفة، فكم تظن بالنسبة للأخطاء الظاهرة. لاحظوا كيف يترجم كلمات الرسول إلى عمل: "وأنتم أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم، بل ربوهم بتأديب الرب وإنذاره" (أف 6: 4)، أي يهتم الشخص بأولاده. إنها ممارسة للحماية الوالدية. لاحظوا إلى أيّ مستوى من الكمال أراد أن يقودهم...
فبالنسبة للأخطاء الظاهرة كان يمكنه أن يصلحها، ولكنه ماذا يمكنه أن يفعل بالنسبة للخطايا السرية؟ مع هذا قيل لموسى: "السرائر للرب إلهنا، والمعلنات لنا ولبنينا إلى الأبد" (تث 29: 29). على أيّ الأحوال لم يتجاهل أيوب حتى الأخطاء السرية في علاقته بالله، بل ألزم نفسه أن يصحح الموقف شخصيًا بوسيلة علاجية. فإن هذه الوسيلة تسمح له أن يضرب بالأخطاء فينتزعها، وأن يعلم أولاده أيضًا...
ها أنتم ترون أنه لم يصحح من تقصيراتهم في الأعمال فحسب، ولكن أيضًا ما يخص الأفكار، متممين عمليًا كلمات المسيح: "لأن من القلب تخرج أفكار شريرة... هذه هي التي تنجس الإنسان" (مت 15: 19-20)... ها أنتم ترون هنا تطهيرًا ليس موسويًا، ولا بالناموس، بل بطريقة رسولية حيث يطلب تطهير أفكارهم يوميًا، ليس فقط بنصحهم وتقديم المشورة لهم، وإنما أيضًا بحمايتهم والصلاة لله عنهم. هذا ليس عمل الأب فقط بل وعمل الكاهن، وإن كنا نعلم أنه لم يكن يوجد كاهن بعد...
يرى البعض أنه كان يوجد كهنة في تلك الأيام أيضًا مثل ملكي صادق لم يخترهم الشعب.