ثم في مكانٍ آخر من أبرشية سالارنو، في الوقت الذي فيه كنا نحن في تلك الأبرشية نمارس خدمة الرسالة المقدسة، قد كان هناك إنسانٌ حاصلة فيما بينه وبين شخصٍ آخر عداوةٌ شيطانية في أقصى حدود البغضة، فأحد آباء جمعيتنا قد تكلم مع ذاك الإنسان في أن يصفح غافراً لعدوه. أما هو فأجاب وقال له: أهل أنك رأيتني مرةً ما أيها الأب حاضراً في الكنيسة لأستماع مواعظكم. فأجابه: كلا، فقال له: اذاً لأجل هذه الغاية أنا ما حضرت قط لأسمع الوعظ عندكم، لأني أعرف ذاتي أني هالكٌ. ولكنني لا أريد شيئاً آخر سوى أن آخذ الثأر من عدوي: فالأب المومى اليه قد تعب كثيراً في أقناعه. ولكن سدى. فلما رآه بهذا المقدار مصراً على عدم التوبة حتى أن الكلام كله كان يمضي ضائعاً قال له أخيراً: خذ صورة حبل العذراء بلا دنس هذه: ففي الأبتداء أجاب وقال: ترى مالي وهذه الصورة: ولكن أخذها بعد ذلك من الأب. واذا به حالاً كأنه قط لم يكن أنكر الصفح قبلاً. سأل ذاك الأب قائلاً: هل أن أبوتك المكرمة تريد مني شيئاً آخر غير الترك والغفران لعدوي، فهوذا أنا مستعدٌ لأن أتتم ذلك: وهكذا أتفق معه على المجيء إليه لهذه الغاية في الصباح المقبل، غير أنه حينما جاء إليه في الغداة، فمن جديد تقلب روحه عن قصده الصالح. ولم يكن يرد أن يصنع شيئاً مما صار عليه الأتفاق، فحينئذٍ الأب المنوه عنه قد سلمه صورةً أخرى من صور الحبل بالعذراء بلا دنس، فلم يرد أن يقبلها أولاً. ولكنه حياءٍ وبعد الجهد قد أخذها، الا أنه منذ البرهة الأولى قال: هيا بنا، لأني أريد نهاية هذه القضية، أين هو ماستروداتي عدوي: وحالاً صنع معه الصلح وغفر له وتقدم الى منبر التوبة معترفاً بخطاياه.*