صَوْمُ السَّيِّدَةِ الْعَذْراءِ (مِنْ ١ إِلى ١٥ آب): (1‏‎‏ آب)

[walaa farouk]

يُقالُ إِنَّ الشَّعْبَ المُؤْمِنَ هُوَ الَّذي وَضَعَ هٰذا الصَّوْمَ، وَفَرَضَهُ على رُوزنامَةِ الكَنِيسَةِ؛ لأَنَّهُ، حتَّى القَرْنِ الحادِيَ عَشَرَ، لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ فِي الأَصْوامِ المَعْمُولِ بها بِحُكْمِ القانُونِ الكَنَسِيِّ، كذٰلِكَ لا نَجِدُهُ في أَيِّ قانُونٍ مِنْ قَوانِينِ الصَّوْمِ. وكانَ هٰذا الصَّوْمُ مَعْروفًا بِصَوْمِ العَذراى، وَيُعَدُّ سَنَدًا للطَّهارَةِت والتَّبَتُّلِ، لهٰذا أَكْثَرُ مَنْ يَصُومُهُ هُمُ المُتَنَسِّكُونَ والرُّهبانُ، وَهٰكَذا باتَ الشَّعْبُ يُمارِسُهُ على كافَّةِ المُسْتَوياتِ، جاعِلًا منهُ مُناسَبَةً لِتَجْديدِ الحياةِ الرُّوحيَّةِ، وفُرْصَةً للتَّوْبَةِ، وَجَعْلِ مَرْيَمَ العَذراءِ مِنْ هٰذا الصَّوْم، ليسَ المَثَلَ الحَيَّ لِلطَّهارةِ والتَّبَتُّلِ، بَلِ الشَّفيعَ المُؤْتَمَنَ لِنَوالِ القُوَّةِ والنِّعْمَةِ منَ اللهِ، لِسُلوكِ هٰذِهِ الحَياةِ.
ولٰكِنْ، يُقالُ أَيْضًا، في التَّقْليدِ، إِنَّ هٰذا الصَّوْمَ قَدْ صامَهُ آباؤُنا الرُّسُلُ أَنْفُسُهُمْ، لَمَّا رَجَعَ توما الرَّسولُ منَ التَّبْشِيرِ في الهِنْدِ، وَسَأَلَهُمْ عَنِ السَّيِّدَةِ العَذْراءِ، وقالوا لَهُ: إنَّها قَدْ ماتَتْ. فَقالَ لَهُم: "أُريدُ أَنْ أرى أَيْنَ دَفَنْتُمُوها". وعِنْدَما ذَهَبُوا إلى القَبْرِ، لَمْ يَجِدُوا الجَسَدَ المُبارَكَ. فَٱبتَدَأَ يَرْوِي لَهُم أَنَّهُ رَأى الجَسَدَ صاعِدًا؛ فَقَدْ رَأى المَلائِكَةَ تَحْمِلُ جَسَدَ العَذراءِ مَرْيَمَ إلى السَّماءِ. فَلَمَّا عادَ إلى الرُّسُلِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِما رَآهُ، ٱشْتَهَوْا أَنْ يُعايِنُوا المَنْظَرَ المُقَدَّسَ نَفْسَهُ، فَصامُوا هٰذا الصَّوْمَ، حتَّى أَظْهَرَ اللهُ لَهُم، في نِهايَتِهِ، جَسَدَ أُمِّهِ البَتولِ. لِذٰلِكَ فَالكَنيسَةُ تَصُومُ هٰذا الصَّوْمَ، لِكَيْ تَتَمَثَّلَ بالسَّيِّدَةِ العَذراءِ، وَتُخَلِّدَ ذِكْراها. مَهْما يَكُن مِن أمرٍ، فإِنَّ هٰذا الصَّوْمَ هُوَ تَحْضِيرٌ وتَهْيِئَةٌ لِعيدِ السَّيِّدَةِ، عِيدِ رُقادِ والِدَةِ الإِلٰهِ الدَّائِمَةِ البَتولِيَّةِ، وٱنتِقالِها مِنْ هٰذِهِ الحياةِ الوَقْتِيَّةِ إلـى الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ. في هٰذا الصَّوْمِ المُقَدَّسِ، نَتَذَكَّرُ صِفاتِ الفَتاةِ وفَضائِلَها، تِلكَ الَّتي ٱختارَها اللهُ لِتَكونَ الجِسْرَ الَّذي ٱنْحَدَرَ بِهِ منَ السَّماءِ إِلى الأَرْضِ، فَنَتَّخِذَها شَفيعَةً لِنُفوسِنا، وسُورًا لِلحِمايَةِ، ومَلْجَأً في الشَّدائِدِ والآلامِ. تُقيمُ الكَنيسَةُ، مَساءَ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ هٰـذا الصِّيامِ، خِدْمَةً خاصَّةً تُدعى "البَراكْلِيسِـي"، أَوْ "صَلاةَ الِابْتِهالِ لِوالِدَةِ الإِلٰهِ"، وهِيَ تَضَرُّعٌ وَطَلَبٌ مِنْ والِدَةِ الإلٰهِ أَنْ تُساعِدَنا وَتُنْقِذَنا مِنَ الخَطِيئَةِ، وتُعْطِيَنا الفَرَحَ، وتُرْشِدَنا إلى الميناءِ الهادِئِ في هٰذا العالَمِ المَلِيءِ بالتَّقَلُّباتِ والمَشَقَّاتِ. وال Παράκλησις اسم مشتق من فعل Παρακαλώ : الكلمة تعني أدعو (أحداً) للإسراع في المساعدة والانقاذ. أي أن ألتمس من أحد شيئاً من أجلي. فهو طلب المعونة والتعزية.
تركيب الكلمة: παρά + καλέω
‏Καλέω (-ώ): أن أدعو
‏παρά prefix حرف جر، ويعني ما فوق، من قِبَل، إلى جانب. فَإِلَيْكِ، أَيَّتُها العَذراءُ والِدَةُ الإِلٰهِ، نَقُولُ قَوْلًا فائِضًا، ونَرْفَعُ صَلاتَنا، فَتَشَفَّعِي لَنا.