إكرام مريم العذراء والإحتفال بأعيادها
إن الإلتجاء الى مريم وطلب شفاعتها إيـمان راسخ منذ الأجيال الأولى فى الكنيسة وتـمتلئ الطقوس الكنسية بالـمدائح والطلبات والصلوات والتسابيح لـمريم العذراء والتى بهـا يلجأ الـمؤمنون الى العذراء الطوباويـّة مبتهلين إليهـا فـى كل الأوقات الصعبة التى تقابلهم،طلبين معونتهـا فى إحتياجاتهـم لأنهـا والدة الإلـه الفائقـة القداسـة، ولأنهـا أمنـا جميعاً.
وبنوع خاص تكرّم الكنيسة مريم العذراء بالإحتفال بأعيادهـا،ومـا تلك الأعياد إلاّ مناسبات لتعبر الكنيسةعن فرحهـا بالخلاص الذى حصلت عليـه بتجسد إبن الله فـى أحشاء مريم العذراء. وفـى تلك الأعياد والتذكارات الـمريـمية تتسم معظم صلواتهـا بأنهـا تدعو الى الفرح والى تسبيح الله للعمل الذى حققه الله فيها والذى يقودنا دوماً الى إبنها الـمسيح مخلّص العالـم ولهذا يُقترن دائـما الإحتفال بتقديم الذبيحة الإلهيـة. وفـى أعياد القديسة مريم العذراء تختار الكنيسة أيضاً نصوصاُ من الكتاب الـمقدس تتحدث عن علاقـة الله الخلاصيـة بالإنسان والتى ظهرت فـى العهد القديم فى العديد من النبؤات والرموز التى وصلت إلـى كـمالهـا فى تجسد ابن الله فى أحشاء مريم العذراء. فـمريم العذراء هـى مسكن الله الذى حلّ فيـه ابن الله ليتحد من خلالـه بالبشر ويـمنحهم الخلاص والحيـاة الأبديـة،ولهذا نرى كتب العهد الجديـد وقد روت نصوص بعض تلك الأحداث كالبشارة والميلاد والصلب والقيامة. والكنيسة الـمقدسة إذ تحتفل بأسرار السيد الـمسيح فـى دورتهـا السنويـة، تكرّم بمحبة خاصة مريم والدة الله الـمتحدة مع إبنهـا فـى العـمل الخلاصي، ففى العذراء تتأمل الكنيسة بإعجاب ثمرة العذراء الـمباركـة وتمجدهـا، كما تتأمل فيهـا بإبتهاج ما تشتهى وترجو أن تكون عليه هـى ذاتهـا وبأكملهـا.
والأعيادالدينية المقدسة عامـة هـى أيام يتم الإحتفال فيهـا بتذكار لأحداث وأسرار مقدسة تم تسجيلهـا فـى تاريخ خلاصنـا، وأيضاً لتذكار مريم العذراء أم الـمسيح، أو للرسل، والشهداء والقديسين وذلك بتقديـم صلوات وخدمات خاصـة مع راحـة من العـمل فى بعض الأحيان. والعيد ليس فقط لتذكار حدث أو شخص، بل هو أيضاً فرصة لتنشيط الحياة الروحيـة وذلك بالتذكرة بـما حدث، ففى الـميلاد يولد الـمسيح فى قلوبنـا، وفى يوم الجمعة العظيمة نصلب أنفسنـا على الصليب معه، وفى القيامـة نقوم من قبر الخطيئة، وفى يوم العنصرة نحصل على مواهب الروح القدس.
والأعياد الـمقدسة فـى العهد القديـم إمـا قد أعطى الله شريعتهـا لشعبه "هذه هى أعياد الرب الـمحافل الـمقدسة التى تنادون بهـا فى أوقاتهـا"(أحبار2:23):مثل عيد الفصح (يُحتفل فيـه بأكل حمل الفِصح تذكاراً لخروج الشعب العبرانى من ارض مصر ويحتفل به فى اليوم الرابع عشر من أول شهور السنة فى التقويم اليهودى-خروج2:12-14)،وعيد الفطير (يحتفل فيـه بأكل الفطير الغير مختمر فى اليوم الخامس عشر من أول شهور السنة وأيضاً تذكاراً لخروج بنى اسرائيل من مصر-خروج15:12-20)،وعيد الأسابيع أوعيد الكفّارة (وفيه يُحتفل بباكورة حصاد الأرض (أحبار23)،أو قد رتبّهـا الشعب بإرشاد من الله مثل عيد تدشين هيكل سليمان (3ملوك2:8) وعيد تذكار ترميمه على يد زربابل (عزرا14:6-16). وكل تلك الأعياد كما ذُكرت فى العهد القديم ما هى إلاّ رمزاً وظلاً للحقيقة والتى هى فى الـمسيح يسوع ولهذا فليس غريبـاً أن تحتفل الكنيسة فى العهد الجديد بفرح وإبتهاج بـما تحقق بتجسد وموت وقيامـة السيد الـمسيح فتقوم بتذكار كل تلك الأحداث من حضور جماعى أمام الرب وتقديم تقدمات روحيـة تُفرح قلب الله، بما فى ذلك الأعياد الـمريمية أو تذكارات القديسين.
.