![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نهاية الخائن ![]() بعد تسليم السيد المسيح، وصدور حكم مجمع اليهود عليه بالموت، لم يحتمل يهوذا الإسخريوطى أسلوب الرقة والمحبة التى عامله بها السيد المسيح من قبل.. ووضع الشيطان فى قلبه أن يمضى ويقتل نفسه. وبالفعل إذ لم تكن فى قلبه محبة ولا اتضاع، لم يلجأ إلى السيد المسيح تائباً معتذراً عما بدر منه، بل مضى وشنق نفسه.. وهكذا نرى أن لطف الله وأناته الذى يقتادنا إلى التوبة، هو نفسه يصير سبب دينونة لنا، إن لم نتراجع عن خطايانا بقلوب ملؤها الحب والثقة فى الله. عن ذلك قال معلمنا بولس الرسول: “غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة. ولكنك من أجل قساوتك، وقلبك غير التائب، تذخر لنفسك غضباً فى يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة” (رو2: 4، 5). كثير من الدروس نستطيع أن نتعلمها من خيانة يهوذا، وموقف الرب منه، ومعاملاته الممتلئة حنواً من نحوه، ومصيره الذى اختاره لنفسه وذهب إليه بإرادته.. أيها الرب يسوع المسيح، ليتنا نفهم شيئاً من سرك العجيب، فنتأملك بالدهش.. وتعجز كلماتنا عن أن تصف فضائلك يا ملك القديسين.”أرنا الآب وكفانا” (يو14: 8). بعد العشاء الربانى، تكلّم السيد المسيح عن بيت الآب السماوى والطريق إليه. فسأله توما الرسول: “يا سيد لسنا نعلم أين تذهب، فكيف نقدر أن نعرف الطريق؟” (يو14: 5). فقال له يسوع: “أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتى إلى الآب إلاّ بى. لوكنتم قد عرفتمونى لعرفتم أبى أيضاً. ومن الآن تعرفونه، وقد رأيتموه” (يو14: 6، 7). وحينما تكلّم السيد المسيح عن معرفة التلاميذ للآب ورؤيتهم له، وهى تلك التى تحققت من خلال الابن الوحيد الله الكلمة المتجسد، بدأ فيلبس يطلب رؤية الله، متجاهلاً حضور السيد المسيح الذى قيل عنه “الله ظهر فى الجسد” (1تى3: 16)، وقال متعجلاً: “يا سيد أرنا الآب وكفانا” (يو14: 8). جاء طلب فيلبس منافياً تماماً لكلمات السيد المسيح عن الله الآب: “ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه” (يو14: 7)، ومنافياً لحضور السيد المسيح باعتباره الله الظاهر فى الجسد (انظر 1تى3: 16). ولكن عمانوئيل لم يغضب من هذا التجاهل لكلامه ولحضوره “الله معنا” (مت1: 23) بل أجاب فى اتضاع وفى عتاب قائلاً: “أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفنى يا فيلبس؟! الذى رآنى فقد رأى الآب. فكيف تقول أنت أرنا الآب؟! ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىّ..” (يو14: 9، 10). ما قصده فيلبس بقوله: “أرنا الآب وكفانا” هو “أرنا الله وكفانا”. وكأنه يجعل هناك فرقاً، أو فاصلاً بين السيد المسيح والله. أو أن الآب وحده هو الله، والسيد المسيح هو شاهد عن الله.. ولكن السيد المسيح أوضح له وللتلاميذ، أن الذى يرى المسيح فقد رأى الله الكلمة، الابن الأزلى.. والابن هو “صورة الله غير المنظور” (كو1: 15). والمقصود أنه صورة الله الآب غير المنظور. فالذى يرى الله الكلمة الظاهر فى الجسد، يكون قد رأى الصورة الحقيقية لله الآب مثلما نقول أن الكلمة صورة العقل غير المنظور. وبهذا يكون قد رأى الله الآب. وقد قال أحد الفلاسفة: “كلّمنى فأراك”. وهذا ما عبّر عنه القديس يوحنا فى بداية إنجيله بقوله: “الله لم يره أحد قط. الإله الوحيد الجنس الذى هو فى حضن الآب هو خبّر” (يو1: 18). |
![]() |
|