![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() زمان نياحة الانبا مرقس: أورد الشيخ لتلاميذه بعض العلامات عن زمان نياحته. وفى ذات يوم تطلع اليهم وعند جلوسه الى المائدة قال:"ياأولادى ان الرب الذى جمعنا ههنا قادر يجمعنا فوق". وقال أيضا:"قد رأيت بيدى ورقة وأنا أقول تقدموا يا جميع الشعوب وابكوا على". وذات مرة صنع لنفسه تابوت من الخشب وكان لا يكف عن الجلوس امامه باكيا. وقام مرة وهدم البقعة التى كان يجلس عليها ويعلم منها. وقد تمدد مرة فى البستان وأشار الى تلاميذه والى المكان الذى يريد أن يدفن فيه. وجاءه انسان يودعه قائلا:"نعم ياابنى ان كنت فى كل مرة تأتى وتبصرنى بالجسد ولكن الآن ما عدت تبصرنى سوى بالروح..". وقد عرف الشيخ بإعلان الهى ميعاد نياحته وقد ادركه التعب والضعف ورقد على فراش المرض فجمع تلاميذه وأخذ يعذيهم ويقويهم وظل الرهبان يومها يبكون طوال الليل ، وكان الشيخ يودعهم قائلا :"يا ما توحشونى يا أولادى ، ياأما أوحشكم انسكم وتعزيتكم وقراءتكم الكتب امامى فى كل ليلة ، يا ما يوحشنى اجتماعكم الصالح عندى وافتقادكم لى بكرة ووسط النهار وعشية ، يا ما يوحشنى عظم اجتهادكم ومعاونتكم فى كل يوم . ولكن يا أولادى اذى وجدت دالة عندكم وقبلتم وصيتى فليس لى وصية سوى ان تحبوا بعضكم بعضا". وكان الشيخ يتكلم باكيا لذا بكى تلاميذه الليل كله حتى أشرق الصباح فنظر اليهم الشيخ وقال :"يكفيكم ياأولادى ، تبكون وتحزنون أنفسكم ، ولقد أعلمهم ان الساعة قد حانت ، ولكن افرحوا بالرب. فمن أجل بكائكم الكثير رأيت فى هذه الليلة أبوينا الشيخين القديسين أنبا بولا وأنبا انطونيوس قد سجدا امام كرسى السيد المسيح وسألاه أن يتركنى لكم قليلا". فلبث الانبا مرقس فى مرضه سنتين ، وقد كان فى مرضه سندا لهم وعونا أكثر من وقت قيامه سليما فى وسطهم وكان لا يفتر عن العمل حتى وهو فى مرضه حتى التصقت عظامه بالأرض من ملازمته للفراش. وكان يعلم الرهبان دائما وهو يعمل حتى ضعف جدا لدرجه انه إذا وضع الضفائر بجانبه يعجز عن أن يمد يديه ليأخذها ويلزم أن يعطيه له أحد الاخوة ، وكان أحيانا إذا ما لم يستطيع أن يتناول من الأسرار المقدسة يأتى ملاك الرب ليناوله اياها – وكان يرتل دائما مزمور داود النبى:"أعظمك يارب لانك قلبتنى ولم تشمت بى أعدائى". وهو مزموره المفضل. ولما اشتد المرض بالشيخ وكان الاخوة يطلبون من الرب ان يريحه كان يوبخهم من أجل صغر نفوسهم قائلا :"أين هو يا أولادى الدود الكبير الذى كان يتناثر من أعضائى مثل ايوب الصديق فى زمانه؟ واين هى القروح الصعبة التى يسيل منها الدم واين هى الضربات الكثيرة التى اصبت بها فى جسدى كما اصيب ذلك البار فى زمانه؟". ولما اقتربت الساعة صار الشيخ يزود اولاده بالنصائح والارشاد ويوصيهم بالسير معا بالمحبة حتى تنهد بالروح وصرخ قائلا:"قوموا ياأولادى وتفرقوا لانى وصلت الى المينا كما هو مكتوب انه قد حضرت الساعة ليتفرق كل انسان منكم الى مكانه". فصار الاخوة يسألونه ببكاء مر عن مصيرهم بعده فقال :"اما سمعتم ما قاله مخلصنا ان كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى والذى يحبنى ويحفظ وصاياى انا لا افارقه البته بل هوذا انا حاضر معه فى كل وقت احضر اليه وأعزيه وأتراءى له". وصار يحدثهم هكذا الى الساعة التى علم انه يسلم الروح فيها حينئذ نزع للوقت ما كان عليه من الثياب وصار عاريا وترك نفسه هكذا ولم يرض ان يلصق بجسده شيئا . كان يقول لهم: "انظروا يااولادى كم عشت من العمر امامكم وهكذا كما ولدت فى العالم عاريا فهكذا أنا خارج منه عاريا". لم يتبعنى ثوب ولا زاد ولا هما ولا يكون لكم رغبة قط فى شىء من مقتنيات هذا العالم البتة بل اتركوا عنكم ما هو اسفل واطلبوا ما هو فوق فإن مصيرنا نحن الكل الى ما هو هناك ولا ينفعنا فى تلك الساعة لا خلا ولا صديقا ولا مالا ولا أولادا بل لا ينفع كل واحد منا سوى ما صنعت يداه ان كان خيرا ام شرا". ولما دنت اللحظة الأخيرة أشار لتلاميذه واخوته ان يخرجوا ويتركوه وحده وكانت الساعة السادسة من النهار وكان ناقوس الصلاة قد ضرب فلما خرج الاخوة للصلاة وتركوه وحده اسند رأسه على احد تلاميذه ورشم اعضاؤه وحواسه بالصليب واسلم الروح للوقت فى تلك الساعة بكل هدوء وراحة حتى ان جماعة من الاخوة لم يصبروا الى ان يكملوا الصلاة بل حضروا ووجدوه قد اسلم الروح فحزنوا عليه حزنا عظيما وحملوا جسده الى البيعه وقام القمص ابرام بتجنيزه بعد أن كفنه بأكفان نقية ووضع جسده فى تابوت من الخشب النقى حسب طقسه واستحقاقه ثم اضاف على جسده فى ذلك التابوت من اللبان النقى والعندروس ثم اخذ عمامة جديدة من كتان وضنعها كاللفائف ووضعها على جسد القديس الشيخ وقبره فى قبر جديد داخل البستان ورثاه بقوله: "لمن تركتنا يا مركبة اسرائيل وعصا قوته المثبت لنا؟ لمن تركتنا يا أب الايتام ومعزى صغيرة النفوس؟ يا من كان بك فرحنا واجتماعنا؟ لمن أودعتنا ايها الراعى الصالح والأب الشفيق الذى ما غفل عن حراسة أولاده ورعايتهم يا جامع شملنا جميعا". يا من كنت تعزى صغيرنا وكبيرنا بكلامك الحلو . بالحقيقة قد تم علينا يا أبانا القديس قول الكتاب اضرب الراعى تتبدد الخراف . بالحقيقة اليوم تفرق اولادك ، وتشتت الاجتماع الصالح الذى اعتاده الاخوة فى حياتك. اليوم انقطع الطريق من كثرة الجموع الواردة اليك فى كل حين. اليوم اصبح الفقراء بغير زاد. والأكام تنوح على ساكنيها. اليوم تصرخ الجبال نوحا. والأودية تصيح على قاطنيها". وكانت نياحة الشيخ فى الساعة السادسة من يوم الاثنين الثامن من شهر أبيب 1102ش (شهر يوليو 1386ميلادية). ولقد ابصر احد الاخوة يوم انتقال الشيخ عساكر وأجناد نورانية لا يحصى لها عدد. نزلوا من السماء وأحاطوا بالدير. ثم ظهرت امرآة حاملة طفلا صغيرا وقد غلب ضوءها نور الشمس وجلست بجانب هذا الأب وقبلت نفسه النورانية اليها. وكان جميع القديسين يرتلون حولها وهم فرحون حتى اصعدوها الى السماء بفرح ومجد. ولقد ابصر أب كاهن الانبا مرقس بعد انتقاله وهو قائم بجانب ابيه الانبا انطونيوس امام كرسى السيد المسيح له كل المجد والبركة. وكانت صفوف القديسين تأتى وتتبارك منه . وكان الانبا مرقس يسأل بصراخ أن يباركوا هذا الكاهن قائلا :"اعطوه اعطوه . اى عطية الروح القدس التى يكون بها خلاصه". ذلك لأن الكاهن كانت عيناه قد لزمتا العمى من كثرة البكاء وهو يسأل الله ان يكون له نصيب مع القديسين. لذا فرح هذا الكاهن بهذه الرؤية. بركة صلواته فلتكن معنا . آمين. |
|