![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صانعوا السلام v"في ليلةٍ من ليالي الشتاء الباردة، اضطر بعض الأخوة في أحد الأديار أن يسهروا كي ينجزوا عملاً مهماً، إلا أنَّ واحداً منهم - وكان مريضاً - لم يستطع أن يحتمل شدة البرد، فقام وترك عمله وعاد إلى قلايته، فقام أحد الأخوة وقال: "كيف يعود ذلك الأخ إلى قلايته أما أنا فأبقى في العمل والتعب؟" فاضطر الآخرون أن ينادوا الأخ المريض كي يعود إلى العمل من جديد. ولما مضى الأخ لإبلاغ المتعَب بالرسالة، فمع قرعات يده المتجمدة على الباب بادر ذهنه فكرٌ غريب"هو يجلس هنا في الراحة والدفء ونحن في الخارج نَهلك من البرد؟". حالما سمع الأخ المريض القرع على الباب أوقف صلاته سريعاً، وشدَّد ركبتيه وأمر بصرامةٍ شفتيه ووجهه المنهك بأن يرسما ابتسامةً عريضةً للأخ القادم. فبادره الأخ المُرسل قائلاً:"لقد أرسلني الأخوة كي أسألك عن صحتك، وعن سبب تركك لنا بمفردنا نعمل وسط الصقيع؟". أدرك الأخ المريض بأن إخوته لم يكونوا فاهمين سوء حالته، وبأنَّ ذهابه إلى قلايته جعل الشرير يغتنم الفرصة ليعبث بهدوء وسلام إخوته الداخلي، فقال للأخ المُرسل:"إنني بخير وأحسَّ بأن شيئاً قد تهاوى في داخله فأمسك بأحد أعمدة الغرفة... تعال نعود إلى العمل". كان الطريق طويلاً على الأرجل المتعبة، والبرد يعصف بالصدر التالف، أما الجلد فقد اعترته قشعريرة مستمرة، ولكن الوجه كان أبداً مستنيراً. ساعة الوصول إلى مكان العمل، رأى الأخ المريض أمارات الراحة والسلام قد ارتسمت على وجوه إخوته فبادرهم بتحية وانطلق مُجداً في عمله. مضت الدقائق متثاقلةً، وعصف البرد بالجسد التالف، فأصبحت الأحجار أثقلَ وزناً، أما الأشخاص فبَدو كأشباحٍ خريفية للعيون المتهادية على أجنحة النور، وأنشب الموت أظلافه في القلب المحب، فتهاوى الجسد على الأرض يلفها بسلامه، وكان صمت... وخطَّ الأخوة بدموعهم على قبر أخيهم كتابة قالوا فيها"طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون". من أخبار وحكم الآباء النساك |
|