إسلام يكن.. الشاب الـ«رِوِش» مات «إرهابياً»
على بعد أمتار من قصر الاتحادية، كان يقيم فى رغدٍ من العيش وسط أسرة ميسورة الحال، وبين أروقة منزل جميل يطل على أحد أرقى ميادين العاصمة «ميدان هيليوبلس». عشرون عاماً ويزيد، قضاها بين طفولة ناعمة، تلتها دراسة حديثة على الطراز الفرنسى بمدرسة «ليسيه الحرية»، ثم هوس بـ«مزيكا الراب» الأمريكية فى مرحلة ما قبل العشرين، وتردد مستمر على صالات الجيم التى أخذ ينحت فيها جسده؛ حتى صار مفتولاً وجذاباً.. لا فقراً عرف، ولا جوعاً ذاق، ولا تقشفاً عانى، حتى دقت ساعة 2014، العام الذى شهد تغيراً دراماتيكياً فى حياة الشاب المُرفّه، الجذّاب، الحاصل على مؤهل تعليمى عالٍ، الذى تحوّل دون سابق إنذار إلى مجرد عنصر فى تنظيم إرهابى يفتخر بجز رؤوس العالمين.
هو «إسلام يكن» الذى نشأ فى حى مصر الجديدة بالقاهرة، قبل أن يتحول إلى «أبى سلمة بن يكن» ويسافر إلى سوريا لينضم إلى تنظيم «داعش» الإرهابى، بين دراسة القانون بكلية الحقوق، وممارسة كل ما هو غير قانونى فى معاقل «البغدادى وشركاه» كانت الرحلة التى تضمنت فصلين، أولهما لشاب «روش»، وثانيهما لشاب آخر ينتمى لعصور الجاهلية الأولى. «إسلام» نفسه لم يتغير فى الفصلين، هو نفس الشاب بـ«شحمه ولحمه»، لكنّ كل شىء خلاف ذلك قد تغيّر، بداية من صفحة الـ«بروفايل» وعنوان محل الإقامة، إلى الأفكار والهيئة والطموح، وصولاً للهواية المفضلة التى تحولت من ممارسة رياضة «كمال الأجسام» مع الاستماع للموسيقى الغربية السريعة، إلى «سفك الدماء» مع ابتهال الأناشيد التى تدعو الله وتطلب رحمته.
«طبعاً فرحة العيد ماتكملش إلا بصورة مع إحدى جثث الكلاب»، تدوينة شهيرة كتبها على صفحته بعد أشهُر من الرحلة التى خاضها من مصر إلى تركيا ثم إلى سوريا، أرفق معها صورته إلى جوار جثة هامدة لجسد بلا رأس حاملاً فى يده سيفاً، تغيّر كبير لم يصدقه كثيرون فى بادئ الأمر، دارت الشائعات وتعددت الأقاويل وزادت علامات الاستفهام والتعجب يوماً فيوماً، بينما ظل «إسلام» يسير فى طريقه حتى وصل إلى محطته الأخيرة التى اختارها بنفسه كما اختار كل المحطات السابقة، هو ابن اختياراته دائماً بـ«حلوها ومُرّها»، من روش إلى قاتل إلى انتحارى.. هكذا بدأت الرحلة، وهكذا انتهت.
هذا الخبر منقول من : الوطن