![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فاطمة ناعوت أنا شاركت في ثورة يناير
![]() حالٌ من الانقسام الحاد بين صفوف المصريين الآن، قبيل الذكرى الخامسة لثورة ٢٠١١ غدًا الاثنين ٢٥ يناير. دشّن المصريون هاشتاق على تويتر وفيس بوك عنوانه: #أنا_شاركت_فى_ثورة_يناير . يدخل فيه المؤيدون للثورة، والمعارضون كذلك لوضع أفكارهم. وأما المعارضون فقد نزعوا عنها، بطبيعة الحال، لقب (ثورة) ومنحوها أسماء أخرى مثل: مؤامرة- فخ- شَرَك- خديعة، وغيرها من المعاني المهينة. بل امتدت ببعضهم روح السخرية ووضعوا كلمة (مجيدة) التي اعتدنا على نعت ثورة يناير بها في خانة السباب والملاعنة، فتجد من يقول للآخر: “يا بن المجيدة" بما يعني سبّه وشتمه وتحقيره. للوهلة الأولى يظنُّ المرءُ أن جماعة الإخوان الإرهابية ومن والاهم من أبناء تيار الإسلام السياسي هم من يعتزون بثورة يناير ٢٠١١ (فقط دون ثورة يونيو) ويسمونها "ثورة" بما أنها قد أوصلتهم للحكم، والآن راحوا يبكون عليها وعلى أيامها، بعدما قُتلت غيلة بسيف ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وفق تصورهم، فطُردوا وطوردوا وأُسقطوا من فوق عرش مصر. لهذا يسمّون ثورة ٢٠١٣: "إنقلابًا”. وللوهلة الأولى أيضًا يظنُّ المرءُ أن من يُنكرون ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ هم بقية أطياف الشعب المصري التي احتشدت في الميادين يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لإسقاط الإخوان، بعدما تكشّف لهم أن ثورة يناير كانت مؤامرة أمريكية-إخوانية لسرقة عرش مصر واختطاف تاريخها وحاضرها ومستقبلها. حتى القسم الأعظم من أولئك المُنكرون ممن قد شاركوا في ثورة يناير، حين تسألهم: “لكنكم شاركتم فيها فكيف تنكرونها؟!” يجيبون بألم وخجل بأنهم كانوا مُضلَّلين مخدوعين وأنهم كانوا عرائس ماريونيت في يد الإخوان تم استغلال غفلتهم (الشعب) من أجل مصالح الإخوان. والأمر على هذا النحو يبدو وكأنه صراعٌ بين ثورتين. ثورة ٢٠١٣ خصيمٌ لثورة ٢٠١١، من يعترف بيناير لابد أن يُنكر يونيو، ومن يعتزُّ بيوليو لابد يُهين يناير، والبديل الثالث مرفوع. لكن هناك فريقًا ثالثًا، أنا من بينهم، يعترفُ بالثورتين معًا، ويعتبر أن ثورة ٢٠١٣ تصحيحٌ لمسار ثورة ٢٠١١ الذي اِعوّج عن مساره النبيل والتوى على أحلامه ونكص على عقبيه منذ يوم ١٩ مارس ٢٠١١ (غزوة الصناديق) فكاد يقضي على مصر ويُهلك المصريين. "في البدء كان البراءة". هكذا أقول لنفسي ولمن أُحاضر حين أسوق لهم أسباب اعترافي بثورة ٢٠١١. فحين نزلتُ يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ للتظاهر ضد نظام حبيب العادلي، وتطور الأمر في ساعات قليلة ليغدو ثورة وتمردًا ضد نظام مبارك بأكمله، كانت تقودني البراءة والصدق مع النفس. وما أفعله ببراءة وصدق، هو بالضرورة صادق وبريء حتى وإن كان ضمن مخطط ومؤامرة لم يكن بوسعي آنذاك أن أرى أبعادها. كوني "عروس ماريونيت" في يد لاعب خبيث، لا ينفي أن حسي الوطني وإيماني بحق مصر في غد أفضل كانا يحركّان خطاي ويرسمان لي درب الرفض، دونًا عن الخيوط المربوطة في يدي وقدمي تُحركني وتقودني شأن ما يُحرك لاعبُ العرائس عرائسَه. أنا شاركت في ثورة يناير كمواطنة مصرية حالمة بغد أفضل ورافضة لواقع مذرٍ لا يليق ببلد في حجم مصر. نزلت الميدان وأنا ساخطة على رجل قاد دفّة مصر ثلاثين عامًا، أحسن قيادتها عشر سنوات وأخفق عشرين. ثلاثون عامًا من أعمار الدول بوسعها أن تحوّل دولة من مستهلكة إلى منتجة، وتنقلها من مصاف العالم الثالث إلى مصاف العالم الأول. هي نفس الفترة الزمنية التي انتقلت فيها بعض دول الشرق الأقصى من دول هامشية إلى دول صناعية محورية متحضرة فاستحقوا لقب: “النمور الصغيرة"، لأنها قفزت قفزات واسعة، كما النمور، نحو التحضر والصناعة والفاعلية والسيادة والمحورية العالمية. فأين كانت مصر طوال تلك العقود الثلاثة؟ كان الفقراءُ بها يزدادون فقرًا وعددًا، وكان الجهل، أول قُل التجهيل العمدي، ينخر في أوصال مصر، وكان أطفال الشوارع يتكاثرون ويتناسلون، فتحولوا إلى بلطجية وعاطلي اليوم، في حين كان من الممكن أن يصحبوا اليومَ مهندسين وأطباء وعلماء لو تبنّت الدولة أمورهم وقدمت لهم ما يجب أن يُقدم من رعاية واهتمام وتعليم. كلتاهما ثورة نبيلة، لأن جموع الشعب النقي شاركت في كلتيهما بصدق ووطنية وبراءة. الأولى كانت ضد نظام أخفق في حب الشعب المصري، والثانية كانت ضد فصيل خائن عميل حاول اختطاف مصر لجعلها ولاية داعشية تُمزّق أواصر الوطن وتُشتت المواطنين وتئدُ المرأة وتحرق الخير والحق والجمال، وتنهب التاريخ وتُهين الحضارة وتمحو الهوية. أنا شاركتُ في ثورة يناير، وأنا شاركتُ في ثورة يونيو، وأنا معتزّة بثورتيْ بلادي. ![]() |
|