![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مات فداءً لـ«المحبوب»
![]() نقلا عن الوطن الحزن يملأ جنبات المكان، لا صوت يعلو على صوت القرآن الكريم، لا تمر سوى 5 دقائق وتخرج الزوجة المكلومة من غرفتها وتتحرك بصعوبة بعدما أثقلتها الهموم والأحزان على فراق رفيق دربها الذى ابتلعته المياه فى بحيرة داخل القرية الكونية بمنطقة أكتوبر، أمام عينيها، أثناء محاولته إنقاذ نجله من الموت. تجلس الزوجة، عفاف عماد، 31 سنة، على مقعد خشبى بهدوء فى منزلها بمنطقة حدائق الأهرام، وبأدب جم تقدم اعتذاراً عن تأخيرها هذه الدقائق القليلة، فهى اعتادت أن تلتزم بمواعيدها لطبيعة عملها كمعيدة فى كلية الألسن بجامعة عين شمس. تحاول الزوجة حبس دموعها وتفشل عندما تتذكر زوجها الحبيب المهندس محمد إدريس، وهى تقول «لم أتمكن من حصر المواقف النبيلة التى بدرت من جانب زوجى معى ومع نجليه؛ نورالدين، 3 سنوات، وسما، سنة وشهران، وقبل الحادث بيومين أخبرنى أنه أعد لنا رحلة ترفيهية فى القرية الكونية عن طريق شركة سياحية تتولى تنظيم رحلات لمجموعات من سكان منطقة حدائق الأهرام، وكانت مهمة هذه الشركة توفير تذاكر دخول القرية وقيمتها 50 جنيهاً للفرد. عندما وصلنا إلى القرية الكونية كانت الساعة تقترب من العاشرة صباح يوم السبت الماضى، وجدنا حالة من الزحام الشديد أمام البوابة الرئيسية بسبب كثرة السيارات الخاصة بالزائرين، والأوتوبيسات المخصصة لمئات الطلاب من العديد من الجامعات، وبعد انتظار يزيد على ساعة، تمكنا من الدخول، حيث كانت العشوائية ظاهرة منذ وقوفنا أمام مدخل القرية، فلا تجد أى أفراد أمن ينظمون حركة السيارات ويقللون من حدة الزحام وعشوائية تحرك السيارات. قررنا الذهاب إلى منطقة المعابد، وسألنا عن الطريق المؤدى إليها فلم نجد سوى ممر اتساعه لا يزيد على 2 متر على جانب البحيرة التى تحاكى نهر النيل، وبعد انتظار طويل تمكنا من ركوب الطفطف الذى يؤدى أيضاً إلى منطقة المعابد، ونادى زوجى على والدته أن تركب معنا فقالت: أنا هاقعد هنا أقرأ قرآن تحت الشجرة دى روح افرح والعب انت وأولادك، وفعلاً ركبنا الطفطف ووصلنا لمنطقة المعابد وهى عبارة عن نماذج مصغرة لمعابد اﻷقصر وأسوان ونهر النيل، وقال لى زوجى: صورينى صور كتير مع اﻷولاد، وفعلاً التقطنا الكثير من الصور التى يبدو فيها زوجى رحمه الله مبتسماً دائماً»، وتحاول الزوجة للمرة الثانية أن تتمالك أثناء حديثها لكن دموعها تتساقط عندما ذكرت اسم زوجها. تلتقط الزوجة أنفاسها وتكمل حديثها قائلة: «حاولنا ركوب الطفطف مرة أخرى ولكننا فشلنا فى ذلك بسبب الزحام الشديد أيضاً فقررنا أن نسير على الأقدام بمحاذاة مجرى المياه على الممر الضيق، وأثناء سيرنا أمسك ابنى حجراً من على اﻷرض والتفت إلى قائلاً: أرمى دى يا مامى، وعندها زلت قدمه وسقط فى الماء، وألقى زوجى بنفسه فى المياه محاولاً إنقاذه وبعد لحظات وجدت زوجى وابنى يغطسان تحت الماء، فألقيت بنفسى فى الماء فى محاولة لانتشال أسرتى من الغرق. ![]() فوجئت بأن المياه عميقة جداً وليس عمقاً متدرجاً، وتمكنت من الوصول إلى ابنى وأمسكت به، وكنت أرفعه من تحت الماء ليأخذه أى شخص من الذين يحاولون مساعدتنا، حتى ابتلعت كمية من الماء، وكان زوجى يحاول بأقصى ما يستطيع الوصول إلينا، ولكننى وجدتنى أغرق فنطقت الشهادتين وشعرت بالسعادة لأننى سأموت مع أكثر من أحبهم فى هذا العالم، ورفعت عينى فوجدت ابنتى تتحرك على الشاطئ وقلت فى نفسى: من سيأخذها وكيف سيستدلون على أسرتها؟»، وبحزن، وبكلمات تملأها الحسرة تضيف الزوجة قفز رجل شهم، من زوار الحديقة وليس رجل إنقاذ، وحاول انتشالنا ولكنه قارب على الغرق هو الآخر، حتى نجح أحد الشباب فى انتشال الرجل وابنى. تتابع الزوجة أن «هذا الموقف الأليم جعلنى أرى حباً كبيراً من بعض المصريين الطيبين وفى نفس الوقت رأيت إهمالاً وظلماً من جانب المسئولين لا يوصف، وبعد خروجى بدقائق حضر مدير القرية، وبكل هدوء ودون أى تحرك لمسئول يتواكب مع الحدث الذى حدث داخل القرية، قال لى: شوفى ممكن يكون خرج من المياه ونام على الممر، الأمر الذى يكشف عن أنه ليس لديه أى قدر من المسئولية والحفاظ على حياة الزائرين، ولم يكتف مدير القرية اللواء مجدى خليفة بل خرج فى مداخلة من خلال التليفزيون المصرى وقال إن أسرة المتوفى خالفت التعليمات التحذيرية والإرشادية، وهذا لم يحدث، لأن العشوائية كانت السمة السائدة». وأنهت الزوجة حديثها «يوجد على الصفحة الرسمية للقرية على الفيس بوك معلومات خاطئة، منها أن عمق البحيرة لا يزيد على 170 سنتيمتراً وهذا كلام غير صحيح، بدليل تحرك المراكب فى البحيرة ما يؤكد عمقها أكثر من 7 أمتار، وبعد مرور قرابة 10 دقائق تأكدت أن زوجى مات وطلبت من إحدى السيدات أن تتصل بشقيقى». يلتقط شقيق الزوجة ياسر عماد خيط الحديث، قائلاً إنه وصل القرية عقب تلقيه الاتصال بقرابة نصف ساعة، وعند وصوله إلى القرية فوجئ بحالة من اللامبالاة على العاملين عندما سأل عن مكان الحادث، لأنه كان يعتقد أن تكون القرية فى حالة طوارئ بسبب الحادث، وعندما وصل إلى مكان الحادث توجه إلى مدير القرية اللواء مجدى خليفة وطالبه بسرعة إنقاذ «إدريس» لكنه فوجئ بمدير القرية يقول له: «خلاص ما غرق هنعمل إيه»، وبعدها اتصلت بشرطة النجدة وأبلغتهم بغرق مهندس فى بحيرة القرية الكونية، وبعدها بنصف ساعة لم يحضر أى شخص فعاود الاتصال مرة أخرى وعندما سمع متلقى الاتصال اسم القرية الكونية أغلق الهاتف. الدكتور عماد أبوالهدى، استشارى مخ وأعصاب يشرح المأساة التى شاهدها فى القرية قائلاً: «وصلت إلى القرية قبل صلاة العصر بدقائق ووجدت ابنتى ملفوفة ببطانية وبجانبها ابناها وحماتها، وعرفت أن القرية لم يكن فيها أى شخص مسند له مهمة الإنقاذ، وهذه كارثة كبيرة، الأمر الذى يوضح أن حياة المواطنين لا تعنى أى قيمة لدى مسئولى القرية الذين لم يحركوا ساكناً، وعندما تأخر وصول الغطاسين أسرع أهالى منطقة حدائق الأهرام بإحضار وسائل بدائية يطلقون عليها اسم (بدال) واستمروا فى البحث ولم يصلوا إلى أى شىء. انتظرنا حتى بعد صلاة المغرب لحين حضور 4 من الغطاسين الذين حضروا من منطقة إمبابة، وبدأوا البحث بطريقة بدائية عن طريق شبكة من الحبال مربوط أسفلها أثقال عبارة عن حجارة، كانوا يمسكون بطرفى الشبكة وهم بالخارج ثم يتحركون، وبعد عدة محاولات فاشلة أخبرهم أحد الأشخاص أن جثة الضحية تبعد عن الممر قرابة متر واحد فقط وتمكنوا من انتشال الجثة بعد 4 ساعات أو أكثر.. بعدها خرج الجثمان. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
( لو 2: 38 ) جميع المنتظرين فداءً في أورشليم |
افتقد وصنع فداءً لشعبه |
جئت شفاءً مت فداءً |
جئت شفاءً مت فداءً |
نجل المعزول:مستعد للتضحية بوالدي فداءً للشرعية |