"ولما جاءوا الى الجمع تقدم اليه رجل جاثيا له وقائلا يا سيد ارحم ابني فانه يصرع ويتألم شديداً ... ثم تقدم التلاميذ الى يسوع على انفراد وقالوا لماذا لم نقدر نحن ان نخرجه. فقال لهم يسوع لعدم ايمانكم. فالحق اقول لكم لو كان لكم ايمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا الى هناك فينتقل ولا يكون شيء غير ممكن لديكم. واما هذا الجنس فلا يخرج الا بالصلاة والصوم" (مت 20)
أظنُّ أنَّ الجبال التي يُشير إليها الرب هُنا هي القوى الكبيرة المُعادية الجارية بفيضان من الشر في نفوس الناس.
لكن، إن كان لأحد الإيمان كله، أي يُؤمن بكل ما جاء في الكتاب المُقدَّس، وله إيمان كإيمان إبراهيم، الذي آمنَ بالله فحُسِبَ له ذلك برًّا، عندها يكون الإيمان كله كحبةَّ خردل. فيقول رجلٌ كهذا لهذا الجبل - أي للروح الأصمَّ الأبكم في المُصاب بالصَّرع - "انتقل من ههنا إلى مكان آخر"، فأنَّه سينتقل. يعني أنه سينتقلُ من المتألِّم إلى الهاوية.
وأظنُّ أنَّ بولس الرسول يقُولُ، منطلقاً من هذه النقطة، بسلطة رسولية "لو كان لي الإيمان الكامل أنقل به الجبال" (1 كو 13). فمن له الإيمان كله - المُشابه لحبَّة الخردل - لا ينقل جبلاً واحداً فحسبُ، بل جبالاً مشابهة له. فهذا الأمر لا يَصعُبُ على من له إيمان كهذا.
ولنصغِ أيضاً لقوله: "إن هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم". فإذا وَجَبَ الانهماك وقتاً ما في شفاء مُتألِّم من مرض كهذا، فلا نُقسِم أو نسأل أو نُكلِّم هذا الروح النجس وكأنه يسمع. لكن علينا أن نتفرغ للصلاة والصوم، علينا أن نُصلي لأجل المتألِّم سائلين له الخلاص من الله، وبصومنا نطرد منه الروح النجس.