وانت في طريقك فيما تفكر ؟
ما الذي يشغل بالك ؟

لكل منا تطلعات ، والتطلعات بعضها كبير وبعضها صغير . والمال له مكانة ٌ خاصة ٌ في تطلعاتنا . كل شيء ٍ يقاس الآن بالمال . اصبح المال هو مقياس العصر . يسيطر المال على كل ما في حياتنا ، ويتسابق الكل للحصول على اكبر قدر ٍ منه . وفي سبيله ِ نتصارع ، نحارب ، نتسابق ، نجري ، ونكذب ونسرق ونقترف الكثير من الشرور والاخطاء ، لانه سيد ٌ مرهوب وسيادته مستبدة ٌ طاغية . لهذا يحذرنا الله من سطوته فيقول المسيح في الكتاب المقدس : " لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ." ( متى 6: 24 ) المال لا يقبل منافسا ً له حتى ولو كان الله ذاته . المال يقاوم اي سلطان ٍ آخر حتى ولو كان سلطان الله سبحانه . هذا لا يعني ان الانسان المؤمن بالله يجب ان يبتعد عن المال ويحيا فقيرا ً ، أو ان المؤمن لا بد ان يتخاذل ويكسل ويحيا بلا طموح ، بالعكس الايمان ليس ضد التمتع بما خلق الله لنا من بركات . الايمان ينادي بالطموح المشروع النبيل . الايمان ينادي بالعمل والنجاح والتقدم . لكنه ضد الاستعباد لمحبة المال . الانسان هو سيد المادة . المادة يجب ان لا تسود الانسان . المال في حد ذاته ليس شرا ً ، الشر هو الخضوع لسلطانه والسعي للحصول عليه بكل الطرق . الشر ليس في المال بل في محبة المال . يوصي الكتاب المقدس في الرسالة الى العبرانيين : " لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ " (عبرانيين 13: 5 ) ولا يعني هذا اننا ضد الغِنى والاغنياء . الله سبحانه اله الغني والفقير ، ولا يفرّق بين عباده ِ بسبب ثرواتهم ، وانما الله يطلب منا الصلاح والطهارة والتنزه عن الشهوات . ولا يريدنا ان نخضع لسلطان محبة المال فنقترف الشر والاثم . الحياة ليست للطعام ، الطعام للحياة . المسيحية ليست ضد المال بل ضد محبة المال . المسيحية ليست ضد المادة بل ضد المادية . يستمر فيقول في نفس الآية : " كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُم ْ، لأَنَّهُ قَالَ : «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ»" الاكتفاء والرضى والقناعة ايمان ٌ بالله . الله الذي فيه الكفاية ، كفايتنا .