![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" واحدةً سألتُ منَ الـرب وإياهـا ألتمـس، أن أسكـن فـي بيت الـرب كـل أيـام حياتـي، لكـي أنظر إلى جمال الرب وأتفرَّس فـي هيكلـه، قلت ٱطلبوا وجهي! فوجهك يا ربُّ أطلب " (مزمور 27 : 4 – 8). واحدةً فقط.. سألَ داود من الرب لا بل ٱلتمس، أن يسكن في بيت الرب كل أيام حياته، لكي يرى الرب وجهًا لوجه، ويتفرَّس بجماله.. طالبًا وجههُ فقط.. وكذلكَ آساف الذي قال: " من لي في السماء، ومعكَ لا أريد شيئًا في الأرض " (مزمور 73 : 25). كلاهما عرف ما معنى حضور الرب في حياتهما، ما معنى أن يطلبا وجه الرب. الكل يُجمع أنَّ الكنيسة حول العالم، تواجه حربًا شرسة، لا بل ستواجه حروبًا أشرس بعد، وهذا الأمر سبق للرب أن أخبرنا به. شعب الرب حول العالم، أُسندت إليه مهمات كبيرة، إخراج الناس من أرض العبودية والظلمة، نقلها من سلطان الظلمة إلى ملكوت النور.. وهذه المهمة دون أدنى شك ستواجه أشرس وأعنف الحروب والمقاومة من الشيطان ومملكته.. عندما كلَّف الرب موسى بإخراج الشعب من أرض مصر، أرض العبودية، إلى أرض الموعد، قال لهُ موسى: " أُنظر، أنتَ قائل لي: أصعد هذا الشعب، وأنتَ لم تُعرّفني من تُرسل معي، وأنت قد قلت: عرفتك بٱسمك، ووجدت أيضًا نعمة في عينيَّ، فالآن إن كنتُ قد وجدت نعمة في عينيك، فعلّمني طريقك حتى أعرفك، لكي أجد نعمة في عينيك، وأنظر أنَّ هذه الأمَّة شعبك، فقال: وجهي يسير فأُريحك، فقال لهُ: إن لم يسر وجهك فلا تُصعدنا من ههنا، فإنَّهُ بماذا يُعلم أنِّي وجدت نعمة في عينيك أنا وشعبك، أليس بمسيرك معنا؟ فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض، فقال الرب لموسى: هذا الأمر أيضًا الذي تكلمت عنه أفعله، لأنَّكَ وجدت نعمة في عيني وعرفتك بٱسمك، فقال: أرني مجدك... وقال لا تقدر أن ترى وجهي، لأنَّ الإنسان لا يراني ويعيش " (خروج 33 : 12 – 20). كانَ موسى مُصرًّا.. أنَّهُ إن لم يسر وجه الرب أمامه وأمام الشعب، فهوَ لن يتحرك أبدًا.. كانَ يُدرك معنى أن يكون وجه وحضور ومجد الرب مع الشعب، فبذلك يُدرك الجميع أنهم شعب وجد نعمة في عيني الرب.. شعب ميَّزهُ الرب عن باقي الشعوب. الهدف من تأملنا اليوم هوَ أن نطلب وجه الرب من جديد، لكن.. بطريقة لم نفعلها من قبل، والأسباب كثيرة لكننا سنذكر أهمَّها: السبب الأول: أن نتمتَّع بجمالـه، وأن نتمتَّع بشركـة حميمـة معهُ، وأن يغدو شخص الرب، الأول في حياتنا، قبل الخدمة الروحية حتَّى، قبل ربح النفوس والقيام بالمهمات التي يطلبها الرب منَّا، وإن كنَّا سنقوم بكل هذه الأمور بإذن الرب. كثيرًا ما تُبعدنا الخدمة عن الرب - حتَّى لا أقول أشياء أخرى - فننغمس فيها ونفقد محبتنا الأولى وشركتنا الحميمة مع الرب، وهذا الأمر يجرح قلبه المحب، ويُفقدنا حضوره في حياتنا، ويُفقدنا حلاوة ومتعة الشركة معهُ، وبعد فترة، لا نلبث أن نكتشف أن حضور الرب في حياتنا قد ٱضمحل وتلاشى، لقد أصبحت الخدمة وأعبائها كصنم في حياتنا، وقد أخذت الصدارة، عوضًا عن شخص الرب.. تعال نقرأ معًا هذا المقطع لنفهم أكثر: " وفيما هم سائرون دخل قرية فقبلته ٱمرأة ٱسمها مرثا في بيتها، وكانت لهذه أُخت تُدعى مريم التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه، وأمَّا مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة، فوقفت وقالت: يا رب أما تُبالي بأنَّ أختي قد تركتني أخدم وحدي؟ فقل لها أن تعينني، فأجاب يسوع وقال لها: مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد، فٱختارت مريم النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها " (لوقا 10 : 38 – 42). كانت تخدم الرب، وتهتم به عندما دخل بيتها، وهذا أمر هام للغاية، لكنها غضبت إذ رأت أنَّ أختها لا تساعدها في الخدمة، وغضبها هذا، جعلها تقول للرب: أما تُبالي بأنَّ أُختي تركتني أخدم وحدي؟ لكن جواب الرب كان: مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد، فٱختارت مريم النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها. كم تُخفي الخدمة أمورًا كثيرة تحتها ليست نقية الدوافع 100% فلو كانت مرثا تخدم الرب بدافع الحب النقي لشخصه، فأنا لا أعتقد أبدًا أنَّهُ كان سيصدر عنها ذلكَ الكلام. ما أصعب أن نخدم الرب ونقوم بكل ما نقوم به فقط حبًّا به.. ولذلك ترى أغلبنا يريد أن يخدمه كما يرتئي هوَ وليس كما يريد الرب، ولهذا السبب نجد أن خدمتنا لا تلبث أن تتحوَّل إلى صنم في حياتنا، وحضور الرب وطلب وجهه، وشهوة قلب داود أن يسكن في بيت الرب كل أيام حياته، وشهوة قلب آساف بأن لا يكون له شيء سوى الرب، قد ٱختفوا من حياتنا، أو أقلَّهُ أصبحوا أمرًا ثانويًا !!! خيط رفيع جدًّا، يفصل بين خدمة الرب وطلب وجهه من أجل شخصه فقط، وبين خدمة الرب لأسباب أخرى كثيرة، وهذا الخيط لا يُمكن تمييزه سوى بالروح القدس، سوى بلقاء حاسم مع الرب وجهًا لوجه، وهذا ما أدعوك إليه في هذا اليوم. السبب الثاني: أن نموت !!! قال الرب لموسى: لا تقدر أن ترى وجهي، لأنَّ الإنسان لا يراني ويعيش. قل للرب: أُريد أن أراك وجهًا لوجه لكي أموت.. عندما ننظر في عيني الرب، سيموت فينا كل ما هوَ جسدي.. ستموت فينا كل دوافع غير نقية، ومشكوك بأمرها.. عندما رأى النبي إشعياء الرب قال: " ويلٌُ لي إنِّي هلكت، لأنِّي إنسان نجس الشفتين... لأنَّ عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود " (إشعياء 6 : 5). مهما كنت أمينًا للرب ومُدقِّقًا في سلوكك، فأنت لن تكتشف خطاياك ومشاكلك ودوافعك الدفينة، إلاَّ عندما ترى وجه الرب كما ينبغي، عندها فقط ستموت فيك الدوافع غير النقية، وكل ما هوَ جسدي.. وهناك أكثر بعد، عندما ترى وجه الرب ستتغيَّر لكي تغدو الشخص الذي يريده الرب وهذا ما حصل مع يعقوب: عندما هرب يعقوب من وجه أخيه عيسو، وذهب إلى أرض حاران، وخلال تواجده في " بيت إيل " أي بيت الله، رأى حلمًا: السماء مفتوحة، وقد رأى سلّمًا رأسها يمس السماء، وملائكة الله صاعدة ونازلة عليها، لكنه عندما قام، مضى في طريقه وبقي ٱسمه " يعقوب " أي يتعقَّب، ويتكل على رجليه وخططه الملتوية لكي ينال البركة. لكن في طريق العودة من حاران، الأمر كانَ مختلفًا في " فنيئيل " هذه الكلمة التي تعني: " وجه الله ". تقابل يعقوب في تلكَ المحلة مع الله وجهًا لوجه، صارعه حتَّى الفجر، ورفض أن يُطلقه قبل أن يُباركه، فضربهُ الرب على فخذه فٱنخلع، وٱنخلع معه كل ٱتكال على قوته وألاعيبه وحِيَله، ذاب وتلاشى كل ما هوَ جسدي فيه، عندها فقط قام ومضى بطريقة جديدة، إذ قال الله لهُ: لا يُدعى ٱسمك يعقوب بعد اليوم.. بل إسرائيل.. وليس المقصود هنا دولة إسرائيل.. بل الكلمة تعني: " يُجاهد مع الله - أو أمير مع الله " (تكوين 32 : 24 – 30). أحبائي: قد نأتي كثيرًا إلى بيت الله، ونرى رؤى ومعجزات ونمتلك مواهب كثيرة، لكن حياتنا قد تبقى كما هيَ، كما حصل مع يعقوب في بيت الله، لكننا نحتاج إلى مقابلة مع الله وجهًا لوجه، وعندها فقط سنتغيَّر.. لنقل للرب: لا نريد بعد اليوم أن نكون أولئك المؤمنين الذين يأتون إلى بيتك، ويختبرون أمورًا فائقة للطبيعة لكنهم يبقون كما هم، بل نريد أن نتقابل معك وجهًا لوجه لكي يُغيرنا مجدك، لا نريد أن يكون لدينا وعي وإدراك الملائكة، بل نطلب أن تأخذنا إلى أماكن عميقة جدًّا، حيث تُغيِّر أسماءنا كما فعلتَ مع يعقوب. لا نريد أن تُرسل ملائكة معنا في رحلتنا وخدمتنا ومواجهاتنا مع الشيطان، بل وجهك نطلب، وإن لم يسر وجهك أمامنا، نُعاهدك أننا لن نتحرك قطعًا. لأنَّ كلمتك تقول: " برضاك وقفتُ منيعًا كالجبل، وعندما حجبت وجهك عني ٱرتعبت " (مزمور 30 : 7). ونحن نعلم أننا لن نتغيَّر إلاَّ إذا نظرناك وجهًا لوجه: " ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغيّر إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد، وذلك بفعل الرب الروح ". (كورنثوس الثانية 3 : 18). أحبائي: شعب العهد القديم، لم يكن لديهم هذا الامتياز أن يروا الرب وجهًا لوجه، ولهذا قال الرب يسوع: " طوبى لعيونكم لأنها تُبصر، ولآذانكم لأنها تسمع، فإنِّي الحـق أقـول لكـم: أن أنبيـاء وأبـرارا كثيريـن ٱشتهـوا أن يـروا مـا أنتـم ترون ولم يروا، وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا " (متى 13 : 16 – 17). كانت لديهم شهوة عارمة أن يروا الرب وجهًا لوجه.. لكنهم لم يروا.. واليوم العكس يحصل معنا، فبسبب دم يسوع، شُقَّ الحجاب وأصبح الدخول لرؤية الرب وجهًا لوجه، متاحًا للأصغر في ملكوت السماوت.. لكن ليسَ لدينا شهوتهم العارمة.. فهل سنبقى هكذا؟ فيلبس كان يُدرك من العهد القديم ما معنى أن يرى وجه الآب، ولذلك قال للرب: أرنا الآب وكفانا.. والرب أجابهُ قائلاً: " أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس، الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت أرنا الآب؟ " (يوحنا 14 : 9). يسوع معنا كل العمر بالروح القدس، وعندما نراه نرى الآب وجهًا لوجه.. لا بل وعدنا أكثر حتَّى: " إن أحبَّني أحد يحفظ كلامي ويُحبه أبي وإليه نأتي وعندهُ نصنع منزلاً " (يوحنا 14 : 23). إن ٱشتهينا حضوره، ورؤية وجهه، والجلوس عند قدميه كما فعلت مريم، سيأتي هوَ والآب ويصنعان عندنا منزلاً.. ما أعظم هذا الكلام أيها الأحباء.. منزل الآب والابن عندنا على الدوام !!! السبب الثالث: حضور الرب ومجده يُرعبان الأعداء ويجعلانهم يهربون من أمامنا. " أُرسل هيبتي أمامك، وأُزعج جميع الشعوب الذين تأتي عليهم، وأُعطيك جميع أعدائك مُدبرين (هاربين) " (خروج 23 : 27). كما سبق وقلنا، ونحن نواجه وسنواجه حروبًا شرسة مع العدو، كم نحتاج إلى حضور الرب، كم نحتاج أن نطلب وجهه لكي يسير أمامنا، يُرسل هيبته فيُزعج كل من نواجههم ويجعلهم يهربون، فنمتلك الأراضي الجديدة، ونقيِّد العدو وندخل بيته ونُطلق الأسرى وننهب الغنائم.. لنطلب وجه الرب كما طلبه برتيماوس الأعمى: " فلمَّا سمـع أنَّهُ يسـوع الناصـري ٱبتـدأَ يصـرخ ويقـول: يا يسـوع ٱبـن داود ٱرحمنـي، فٱنتهـرهُ كثيـرون ليسكـت، فصرخ أكثر كثيرًا يا ٱبن داود ٱرحمني، فوقف يسوع وأمرَ أن يُنادى... " (مرقس 10 : 47 – 49). وفتح الرب عينيه.. والامتياز العظيم الذي حصل عليه برتيماوس هوَ: أنَّ أول شيء رآه كان وجه الرب. يقول أحد رجالات الله، أنَّهُ تفاجأَ بإصرار وصراخ برتيماوس بهذه الطريقة لكي ينال معجزته من الرب، وسأل نفسه لماذا هذا الإصرار وكأنه الفرصة الأخيرة له؟ فطالما الرب موجود فكان من الممكن أن يراه في يوم آخر، لكنهُ فهمَ عندما درس الكلمة ووجد أنها كانت المعجزة الأخيرة التي صنعها الرب !!! لماذا هذا الكلام؟ عندما تكون فرصتك الأخيرة للحصول على حل لمشكلة خطيرة وصعبة تُعاني منها، فأنتَ ستطلب الحل لها كما فعل برتيماوس.. لذا أنا أشجعك في هذا اليوم، أن تطلب وجه الرب، وحضوره في حياتك، كما لو كانت فرصتك الأخيرة، لكي تكون طلبتك حقيقية وجدية ومؤثِّرة. لنصلِّ معًا: يا رب لقد فقدنا محبتنا الأولى، سمحنا لأمور كثيرة، وخدمات كثيرة أن تُشغلنا عن شخصك، نهتم بأمور كثيرة والمطلوب واحد: أن نرى وجهك، ونتلذَّذ بجمالك، ونُدرك أنَّكَ خلقتنا أصلاً من أجل الشركة معك، لقد فقدنا الحميمية معك.. فٱجذبنا وراءك من جديد لكي نجري. يا رب إننا نسير في طريق صعب، ولا نعلم ماذا ينتظرنا من مواجهات عنيفة في الأيام القادمة، سوى ما يشعر به كل رجالاتك حول العالم، أننا سنتعرض لحروب شرسة، لذلك نحن اليوم نقف هنا أمامك، ونقول لكَ: لن نخطو خطوة واحدة قبل أن نتأكد من حضورك البهي ومجدك العظيم في حياتنا، وقبل أن نتأكد أن وجهك يسير أمامنا، وهيبتك معنا، لكي تُرعب أعداءنا وتجعلهم يهربون من أمامنا. إذا وجدنا نعمة في عينيك، دع وجهك ومجدك يتقدماننا، نريد أن نرى وجهك، لقد تكلمت مع موسى وجهًا لوجه كما يُكلِّم الرجل صاحبه، لم تُكلّمه بألغاز، بل من صديق لصديقه، وجهًا لوجه، وهذا ما نريده اليوم. نريد أن نطلب وجهك كما فعل برتيماوس، نريد أن نرى مجدك لكي نموت عن كل دوافع غير نقية، ولكي يموت فينا كل ما هوَ جسدي، نريدك أن تأتي أنتَ والآب وتصنعا عندنا منزلاً.. دون وجهك ودون حضورك سنبقى كما نحن، لن نتغيَّر مهما شاهدنا من معجزات ومواهب وغيرها.. وأخيرًا نقول مع داود وآساف: " واحدةً نسألك وإياها نلتمس، أن نسكن في بيتك كل أيام حياتنا، فننظر جمالك.. ومعكَ لا نريد شيئًا في الأرض ". |
|