![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"رويترز": إسقاط مرسي يهز الإسلاميين في معقلهم بأسيوط مفتي الجماعة الإسلامية: تعلمنا الدرس في التسعينات.. لكننا لا نضمن ضبط شباب الجماعات الأخرى للنفس ![]() طبقات الرسوم على جدران مدينة أسيوط في صعيد مصر، تحكي قصة الآمال التي أطلقتها الثورة منذ عامين، وتكشف في الوقت نفسه عما أعقب تلك الآمال من إحباطات، فالرسوم الباهتة في الطبقة الخلفية تذم حسني مبارك، بينما الطبقة الوسطى تعبر عن الإحباط الذي أصاب الجميع في فترة ما بعد مبارك، أي المجلس العسكري ثم الرئيس المنتخب. مؤاخر، أضيفت طبقة جديدة، هي الطبقة التي تعبر عن موجة جديدة من الغضب، أصحابها هم مؤيدو التيار الإسلامي الذين يشعرون أن إسقاط مرسي كان خيانة لهم. على أحد الرسوم كُتبت عبارة: "مصر إسلامية رغم أنف النصرانية". أسيوط نفسها تتيح نافذة لما قد يجلبه المستقبل للإسلاميين في مصر، فمنذ عشرات السنين تعد هذه المنطقة المحافظة الفقيرة معقلا للإسلاميين المتشددين والمعتدلين الذين دعموا نفوذهم بتوفير خدمات أساسية في المناطق التي كان وجود الحكومة المركزية فيها ضعيفا. وساهمت شبكة الخدمات الاجتماعية التي أسسها الإسلاميون، لاسيما الإخوان، على مر السنين في منحهم نفوذا سياسيا في أعقاب سقوط مبارك. لكن حتى قلب نفوذ الإسلاميين لم يكن محصنا من الريبة والشك اللذين تزايدا بين المصريين خلال العام الأخير إزاء ما يرون أن حكم الإخوان جلبه من انقسام وفشل، فقد تعرض مقر حزب "الحرية والعدالة"، للسلب والنهب والحرق الشهر الماضي. كذلك لم يستطع المحافظ الذي عينه مرسي أن يدخل مكتبه لأسابيع إذ فرض المحتجون حصارا منعه من الدخول. جاء سقوط مرسي بمثابة "لطمة" أطلقت مزيجا من مشاعر الغضب والتحدي والخوف، وربما الإنكار أيضا، بين الإسلاميين في الصعيد، ولكن تاريخهم وحضورهم المكثف في المنطقة يفسر إمكانية عودتهم إلى الحياة السياسية.
يقول محمود سنوسي، أستاذ الجيوفيزياء بكلية العلوم جامعة أسيوط وأمين اللجنة الحزبية بحزب "الحرية والعدالة"، إن "الدرس بالنسبة لنا الاحتكاك بالشارع أكثر وأكثر، قوتك الأساسية في الشارع". الفقر واضح للزائر، ففي الريف يتنقل الفلاحون على عربات تجرها الحمير عبر الحقول ويتم حصاد المحاصيل يدويا، ومن المظاهر القليلة الدخيلة على هذه الصورة من عالم الصناعة مصنع ضخم للإسمنت تديره شركة "سيمكس" المكسيكية. ورغم التهميش الذي تعرض له هذا الإقليم، فقد خرج منه اثنان من الشخصيات الرئيسية في الصراع بين الإسلاميين والجيش الذي رسم صورة الحياة السياسية في مصر الحديثة هما جمال عبدالناصر وسيد قطب. أيّد قطب -وهو أحد أقطاب الفكر الإسلامي وأحد قادة الإخوان- عبد الناصر و"تنظيم الضباط الأحرار" عندما أطاح بالملكية في مصر عام 1952، لكن سرعان ما انقلب عبدالناصر على الإسلاميين وسجن منهم الآلاف، ثم صدر في عهده أيضا حكم بالإعدام على قطب نفسه في نهاية المطاف. وقال خليل العناني، خبير الإسلام السياسي بجامعة "ديرهام" البريطانية، إن "البديل لهذه الجماعات كان الحركات الإسلامية التي استطاعت أن تقدم خدماتها. وقد حاولت سد فجوة غياب الدولة". وأضاف أن سقوط مرسي وضع الإسلاميين أمام لحظة حاسمة، فقد ينتهي بهم الحال مثل نظرائهم في الجزائر الذين تفككت وحدتهم وتحولوا إلى العنف بعد أن ألغى الجيش ما حققوه من نصر في الانتخابات عام 1992. وقال العناني "سيظل الإسلام السياسي موجودا. لكننا لا نعلم ما سيكون عليه وبأي شكل فهل سيكون تقدميا أم عدوانيا أم عنيفا أم معتدلا؟". سلطت الإطاحة بمرسي الضوء على الجماعة الإسلامية من جديد، ليطفو مرة أخرى السؤال هل ستشهد مصر عودة إلى العنف الذي اجتاحها في التسعينات. حتى الآن ألقت الجماعة بثقلها وراء الاحتجاجات السلمية والاعتصامات مطالبة بإعادة مرسي إلى الرئاسة وأكدت نبذها للعنف. وقال عبدالآخر حماد مفتي الجماعة الإسلامية ورئيس لجنتها الشرعية، إن الجماعة تعلمت الدرس في التسعينات، لكن ذلك لا يعني أن الشبان من أعضاء الجماعات الأخرى سيلتزمون بضبط النفس. وأضاف "أحد الأسباب التي جعلت شباب الجماعة الإسلامية قديما يحمل السلاح هو فقدانهم الثقة في أي أمل. ولما زاد الضغط وقبض على قيادات الجماعة انجرف الشباب في تيارات العنف داخل مصر. نحن لا نريد لمصر أن تعود لهذا مرة أخرى. الأزمة لا تحل إلا بعودة مرسي لمنصبه وعودة شرعية صندوق الانتخابات. وحتي يتحقق ذلك ستظل الطوائف السياسية على خلافاتها ومشاحناتها ولن يتحقق الاستقرار. نرى أن المصالحة بدايتها الحقيقية هي عودة الشرعية. ما لم نعد إلى الشرعية فكل مصالحة ستكون كجرح كبير لم تنظفه ثم غطيته. تحتاج إلى تطهيره أولا. عودة الشرعية وبعدها كل شيء مطروح للنقاش. يعود (مرسي) ثم بعدها ننظر ونرضي جميع الأطراف". تمثل أسيوط أيضا عالما مصغرا للتنوع الديني في مصر، وكثيرا ما يتهم البعض الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان، بتجاهل هذا التنوع بعد تولي السلطة. ورغم عدم وجود إحصاءات رسمية، فمن المعتقد أن نحو ربع سكان المحافظة البالغ عددهم نحو 4.5 مليون نسمة من الأقباط، بالمقارنة مع نسبة 10% على مستوى البلاد.
في الوقت الحالي، أصبح الإخوان في وضع دفاعي، فقد ألقت الشرطة القبض على عدد من قيادات الجماعة وأغلقت القنوات التلفزيونية المتعاطفة معها وعادت وسائل الإعلام الرسمية والخاصة إلى مواصلة هجومها عليها، إلا أنه من الصعب أن تجد في أسيوط أعضاء في الجماعة على استعداد للتكهن بما قد يفعله الإخوان إذا لم يتحقق مطلب إعادة مرسي للرئاسة، فقد بدا على أشرف عمر حسين المتحدث باسم الجماعة في أسيوط أنه شعر بالإهانة لمجرد توجيه السؤال إليه، قائلا "من قال لك إنه لن يعود.. سيعود. الدكتور مرسي والدستور ومجلس الشورى هيرجع لأن هذه إرادة شعب. الشعب الآن يريد أن يحافظ على مكتسبات الثورة والشعب نزل الشارع وطالما نزل الشارع انتهى الأمر، ولن يعود لنظام ديكتاتوري مرة أخرى. شعبية الإخوان زادت لما عرف الشعب المعوقات والمؤامرات التي تحاك للدكتور مرسي والحكومة، والدليل على ذلك الأرقام الحقيقية في الشارع التي شاهدها العالم كله". ورغم تصريحات حسين، إلا أن هناك قلة على استعداد أن تسلم بإمكانية عدم عودة مرسي لمنصبه، حيث قال محمد عسقلاني (63 عاما) عضو حزب الحرية والعدالة، إن "وجهة نظري الشخصية أن الحزب يشارك سياسيا مثل بقية الأحزاب، لو هناك انتخابات برلمانية يشارك ولا يقاطع. لا يجب أن ينعزل عن السياسة ولا يعزل نفسه عن الشارع المصري". الوطن |
|