![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أقع في يد الله ولا أقع في يد إنسان وأما بخصوص الآية التي ذكرتها على لسان داود النبي: أقع في يد الله ولا أقع في يد الناس، فنصها الأصلي هو: "فَلْنَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ وَلاَ أَسْقُطْ فِي يَدِ إِنْسَانٍ" (سفر صموئيل الثاني 24: 14). للأسف هذا خطأ مزدوج وقع فيه السائل العزيز:- فمن جانب، لا يصح الاعتماد على آية واحدة فقط من الكتاب المقدس، بدون النظر للظروف التي قيلَت فيها، ومعناها المقصود، ومَنْ قائلها، وما هي روح الكتاب المقدس كله، والآيات الأخرى التي تتحدث عن نفس الموضوع.. ومن الجانب الآخر، الآية نفسها التي عرضها السائل، ليس معناها أن نقوم بعمل خطية لنقع في يد الله، أخف وطأة من أن نقع في يد إنسان! فهذا شرح غير سليم، وكان السائل العزيز سيفهمه بسهولة إذا لم يعتمد على آية واحدة فقط من الكتاب المقدس، وإذا قرأ الجزء الذي فيه الآية كاملًا.. فهل "اللهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْكَذِبِ" (رسالة بولس الرسول إلى تيطس 1: 2) هو نفسه الذي يسمح به؟!! حاشا! هذه الآيات كانت تتحدث عن بعض عقوبات الله التي كانت مطروحة أمام النبي داود، عندما عرضها عليها النبي الرائي جاد، وأعطاه ثلاثة اختيارات كعقوبات، منها الحرب، أو المجاعة، أو الوباء.. واختار داود الوباء؛ فالحرب تجعلنا نسقط في يد أعدائنا. والمجاعة ستجعلنا نتذلل لهم ليعطونا ما نأكلهُ. أمّا الوباء فنحن فيه في يد الرب ومراحم الرب كثيرة. كما يقول بولس الرسول باندهاش لفهم البعض الخاطئ: "أَنُخْطِئُ لأَنَّنَا لَسْنَا تَحْتَ النَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ؟ حَاشَا! نَحْنُ الَّذِينَ مُتْنَا عَنِ الْخَطِيَّةِ، كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا؟!" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 15، 2)، وفي نفس الرسالة تعرض لهذا الأمر في قوله: ""أَمَا كَمَا يُفْتَرَى عَلَيْنَا، وَكَمَا يَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّنَا نَقُولُ: «لِنَفْعَلِ السَّيِّآتِ لِكَيْ تَأْتِيَ الْخَيْرَاتُ»؟ الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ عَادِلَةٌ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 3: 8).. فهل مراحم الله التي نسعى إليها، نحصل عليها عن طريق الخطية؟! غير معقول يا صديقي.. * خيرٌ لي أن لا افعل ثم أقع في أيديكما من أن أخطا أمام الرب: بل على العكس من هذا.. يجب على الإنسان أن يهرب من الخطية ويتحمل أن يقع في يد إنسان عن طريق احتماله وصدقه، بدلًا من أن يهرب من يد الإنسان إذا كذب، ولكنه يقع في يد الله.. ونرى هذا جليًا في قصة العفيفة سوسنَّة في سفر دانيال النبي، التي قالت للشيخان اللذان أرادا أن يُخطئا معها: "فتنهدت سوسنة وقالت لقد ضاق بي الأمر من كل جهة؛ فإني إن فعلت هذا فهو لي موت وان لم افعل فلا أنجو من أيديكما.. ولكن خير لي أن لا افعل ثم أقع في أيديكما من أن أخطا أمام الرب" (تتمة سفر دانيال 2: 22، 23).. فقد فضَّلت أن يتهمها الشيخان في شرفها اتهامًا باطلًا، من أن تخطئ معهم في السر وتظل في نظر الناس شريفة.. ونفس الحال رأيناه في قصة العفيف يوسف.. والأكثر من هذا نراه في قول الكتاب: "مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ!" (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 10: 31). وتفسير هذا في قوله: "فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ: أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا، وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ، إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضًا سَتُقْطَعُ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 11: 22). أي أننا يجب أن نحتمل ونظل في بِرنا وإتباعنا لوصايا الله، ولو أدى الأمر لأن يكون هنا أُناس ضدنا.. على أن نُخطئ ونقع في يد الله.. فالوقوع في يد الله ونحن أبرار، يجعلنا مؤهلين لرحمته وللطفه.. أما الوقوع في يد الله ونحن خطاة، في هذه الحالة يكون الوقوع في يد الله هو مخيف، ونقع في إطار الدينونة بسبب خطايانا.. وبنفس المنطق يقول الكتاب: "وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (إنجيل متى 10: 28).. أخيرًا نختتم بقول الكتاب: "لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 25). |
|