ترزية الشريعة!

[Mary Naeem]

ترزية الشريعة!




ترزية الشريعة! ماجدة الجندى

عرف المصريون طويلا «ترزية القوانين» والآن عليهم أن يعدوا أنفسهم «لترزية الشريعة»، الذين قرر أحد قادتهم أن يهجر تفصيل «البدل» إلى تفصيل الشريعة على مقاس يراه ملزما للمصريين -مسلمين وأقباطا- فالسيد هشام العشرى، الذى عاش فى أمريكا لسنوات وسنوات، تخصص فيها فى تفصيل البدل «يدويا» لمشاهير من ضمنهم بيل كلينتون وكولن باول، وبعد عودته الميمونة إلى مصر، أعلن عن تأسيسه هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
وأخيرا وبعد طول انتظار وجدنا من يفصح دون مواربة عن مسؤوليته عن تأسيس هيئة توقفنا نحن المصريين سواء كنا أقباطا أو مسلمين، عند حدودنا، ولا تستغربوا عند ذكر الأقباط، لأن جزءا من مهام السيد هشام العشرى وهيئته الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، سوف يؤسلم الأقباط المصريين، ليس بالقوة لا سمح الله ولكن سوف يوزع الأتباع حاملين المنشورات والبيانات على الكنائس لتدعوهم مبدئيا إلى الدخول فى الإسلام.. فهم يحبون الأقباط ولا يريدون لهم «أن يدخلوا النار».
السيد هشام العشرى الذى لا أعرف عنه سوى «أمريكى الهوى، إخوانى النشأة، سلفى التطبيق»، كما نشر عنه فى حوار له مع الزميلة «الوطن»، قدم خريطة الطريق لتطبيق الشريعة الإسلامية وهو بمنتهى الحكمة يقود هذه الخريطة على مرحلتين: الأولى بالدعوة والتوجيه والتعريف ثم الإنذار. أما كيف سيتم التطبيق فعن طريق الشرطة.. نعم هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر سوف تكون تابعة لوزارة الداخلية، لتصبح ذراع الداخلية فى تطبيق شرع الله، وتكون أيضا أداة توقيع عقوبة لكل من يخالف شرع الله.
وأبشروا.. الشريعة التى سوف تطبقها هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر برئاسة السيد العشرى شريعة إسلامية لا تحتاج إلى اقتناع ولا قناعة، والشعب المصرى مهيأ لأن يطبقها فى ساعتين، وكما يقول السيد العشرى (الشريعة ليس بها قناعة.. فيها طاعة ويجب تطبيقها رغما عنهم) وأبشروا كمان مرة، السيد العشرى وهيئته الذين لا يحتاجون من الناس إلى أى قناعة أو اقتناع بالشريعة، سوف لا يكتفون بتغيير أزياء النساء، لكنهم سوف يغيرون زى الرجال، وهم الذين سوف يحددون شرعية هذا الزى. وخللى بالك إنت وهو وهى.. سوف يتم اعتباركم أنتم المعتدين فى حال ما إذا رفضتم سماع الكلام، يعنى أى واحد قبطى لا يعلن إسلامه بعدما يتسلم المنشور أو أى مسلم لا يلتزم بالزى الشرعى، سوف يعد معتديا، ولن يعاقب باليد.. فى المرحلة التثقيفية للتوعية، التى هى مرحلة تنبيه «مرحلة أعذر من أنذر» كما يبشرنا السيد العشرى، لكن بعد كده فى كلام تانى، وبعد أن بشرنا السيد العشرى وأعلن عن تشكيل هيئته وقادتها من أمثال الشيخ جمال صابر وغيره، اختار المقر الرئيسى.. فين بقى؟ فى الأزهر طبعا.. لكن بعد إصلاح الأزهر، يعنى بعد خروج الشيخ أحمد الطيب تحديدا، وهنا مربط الفرس.. لو استرجعت ما قاله الشيخ البرهامى السلفى الشهير فى الفيديو الشهير أيضا وأضفته لكلام السيد العشرى تعرف الهدف القادم وبسرعة.. لكن الحقيقة أن أحدا لم يصل إلى ما وصل إليه السيد العشرى، الذى قال نصا: «شيخ الأزهر لن يظل طول العمر، وإن شاء الله يموت قريب بإذن الله ويا رب يموت دلوقتى».
أنا أعتذر لشيخنا الجليل الطيب الشيخ أحمد الطيب، لكن على الناس أن يعرفوا من يواجهون.. هؤلاء المتسترون بالدين وأى فجاجة يحملون.. هذا هو الشيخ الترزى الذى يريد أن يعلمنا الشريعة.
المهم فى ظل هيئة السيد العشرى الآمرة بالمعروف، لا سينما ولا فن، لأن من مهام الهيئة النهى عن الفواحش «كسماع الأغانى ومشاهدة الأفلام».
والبشارة.. البشارة «إن شاء الله فى المراحل المتقدمة من تطبيق الشريعة لن يكون هناك سينما ولا مسرح ولا مسلسلات ولا أغانى.. لكن سوف تكون هناك سياحة يصفها السيد العشرى -بـ(السياحة النظيفة).. وأهم حاجة حايلغيها السيد العشرى بعد المايوه طبعا هو (المساج).. آه كله إلا المساج (يعنى ترضى والدك يسيب والدتك ويروح يعمل مساج؟!)».
هذا السؤال الاستنكارى موجه من رئيس هيئة الأمر بالمعروف للمحاورة.
وطبعا وارد الاستعانة بخبرات هيئة مماثلة كهيئة الأمر بالمعروف الموجودة بالسعودية.
وعلى فكرة، السيد العشرى نادى بكسر عين أمريكا.. آه.. هو صحيح عاش هناك وفصل بدل «هاند ميد» لكن دى حاجة وكراهيته لأمريكا حاجة تانية.. لذلك هو يأخذ على أولاد الشيخ عمر عبد الرحمن أنهم يتعاملون «بسلمية» مع أمريكا.. وعلى ذكر السلمية والنبى خلو بالكو إن شاء الله -كما يزف العشرى رئيس هيئة الأمر بالمعروف- لن تقتصر الأعمال الجهادية «المرتقبة» على سيناء فقط، بل ستكون فى أكثر من مكان، كما يقول الرئيس المرتقب لهيئة الأمر بالمعروف «إحنا داخلين على مرحلة جهادية كبيرة جدا». وحقيقة الأمر أن المصريين داخلين فى «حيطة» إن لم يجاهدوا للحفاظ على هويتهم ودينهم وأزهرهم كما عاشوه لآلاف السنين، وكما يجسده الشيخ الجليل أحمد الطيب.. الأزهر الذى ذهب شيخه على رأس وفد إلى مقر الكاتدرائية ليهنئ بالعام الجديد.. فعلا مصر مقبلة على مرحلة جهادية.. تجاهد فيها الذين يريدون انتزاعها من أبنائها ومن سياقها ومن تاريخها.. فليس أخطر من ترزية القوانين إلا ترزية الشريعة.