![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
موعد مع الجحيم ![]() ![]() وائل قنديل ليس أكثر قتامة و عتامة من اللحظات التي تمر بها مصر الآن سوى لحظة الجنون التي أودت بالعرب إلى الجحيم و أخرجتهم من التاريخ ليلة ٢ أغسطس ١٩٩٠ ، حين انفتح الباب واسعا لكي يقتل العربي أخاه في معركة خرج الجميع منها مهزومين مقتولين٠ و أخشى آن تكون ثورة ٢٥ يناير المصري تقف على الباب ذاته الآن و تتأهب للقفز إلى حريق مستعر ، صنعه أعداء هذه الثورة ببراعة فائقة ، و ينساق إليه شركاؤها و كأنهم يمارسون رقصة جنون جماعي آو لعبة موت٠ و يذكر التاريخ أن عاصفة صحراء ذلك الشتاء البائس قسمت الشخصية العربية نصفين و أعادت الشعوب العربية إلى جاهلية داحس و الغبراء و حرب البسوس ، و اندلعت حرائق حمل الأخوة السلاح على بعضهم البعض و خاضوا معركة طاحنة انتصر فيها العدو دون أن يطلق رصاصة واحدة ، و قد جسد المخرج خالد يوسف تلك المأساة في فيلمه " العاصفة"إن الحريق يمتد في اتجاهات متعددة ، كل الأطراف تعتمد أسلوب حرق المراحل ، وهنا يبدو غريبا هذا الاندفاع المفاجئ من جانب الجمعية التأسيسية للانتهاء من الدستور في ليلة واحدة ، في تناقض صارخ مع مسوغات الإعلان الدستوري الملغم و الذي قيل إن من الدوافع لإصداره إتاحة الوقت أمام الجمعية كي تحدث التوافق و تأخذ المساحة الكافية للنقاش و التعديل و الصياغة كي لا يأتي الدستور مسلوقا ، و هانحن نراه يأتي مشويا بنار الاستعجال و الهرولة٠و الأفدح من ذلك أن تتداعي تيارات الإسلام السياسي للتظاهر في ميدان التحرير و هي تعلم آن ذلك من شأنه أن يشعل نارا لن يستطيع اطفاءها أحد بالنظر إلى حالة الاحتدام التي تسيطر على جنباته و في المقابل لا يريد أعداء الثورة البيضاء تفويت فرصة عمرهم للانقضاض على المشهد ، حتى أن زعيم الفلول في لحظة وضوح و اتساق مع الذات وصف ما يجري الآن بآنه " ثورة ضد الثورة" دون أن يسكته أحد ، أو يقول له أن يخرج من الموضوع٠و أكرر آن هذه الثورة ما كانت لتصمد لولا أنها استمسكت بمبدأيتها ووضوح غاياتها و نقاء أهدافها ، و تأسيسا على ذلك لا لوم أو تثريب على النضال ضد إعلان دستوري يمنح الرئيس سلطات القياصرة ، لكن أن يقتحم المتربصون المشهد ليعلنوا منذ اللحظات الأولى أن المطلب هو إسقاط الرئيس المنتخب فهذا ما لا يعد عملا ثوريا بوجه من الوجوه و إنما يدخل في نطاق إنعاش فرص الانقلاب ، الآمر الذي يغذي مناخ التطرف و الغلو و التصعيد لدى الطرف الآخر ، و في الوقت ذاته ينزع عن هذا الطوفان من الغضب دفاعا عن الحرية و الديمقراطية نقاءه و براءته ٠إنها لحظة ينبغي أن نفسح فيها جميعا الطريق للعقل و الضمير ليسودا ، قبل أن نجلس جميعا نبكي على جثمان ثورتنا كما انتحب اللبنانيون يوما على بيروتهم التي افترسوها بغريزة الاقتتال و الاحتراب بين سكان البيت الواحد٠ لا نريد آن نرثي ثورتنا كما انتحب نزار قباني على أطلال بيروت و قال :نعترف أمام الله الواحد نعترف انا كنا منك نغار وكان جمالك يؤذينانعترف نعترف الآن نعترف ..بانا لم ننصفك ولم نرحمك لاننا لم نفهمك ولم نعذرك وأهديناك مكان الوردة سكينا. ![]() |
![]() |
|