![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ورَفعوا أًصواتَهم قالوا: ((رُحْماكَ يا يسوع أَيُّها المُعَلِّم!)) أمَّا عِبَارَةُ "رُحماكَ "فَتُشيرُ إلى صَرخةٍ مِن أعمقِ صرخاتِ البشريَّةِ المُتألِّمة. وكثيرًا ما نُكرِّرُها في كُلِّ قُدّاسٍ قائلين:"ἐλέησονἡμᾶς"(اليسون) — أي: "ارحمنا يا رب !" يُعلِّقُ القدّيسُ برونو دي سيغني قائلًا:"هذا التوسُّلُ لا يَنبَغي أنْ يَنبُعَ مِن أفواهِنا، إنَّما مِن قلوبِنا، لأنَّ القلبَ يَتكلَّمُ بصوتٍ أقوى. صلاةُ القلبِ تَعبُرُ السَّماواتِ وتَرتفِعُ عاليًا إلى عَرشِ الله" (شرحٌ لإنجيلِ القدّيس لوقا). ويسوعُ يُسرِعُ إليهم حينَ يسمعُ صَرخاتِهم المُتَّحِدة طالِبِينَ رحمَتَه، وهوَ القائلُ:"أَفَما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونَه نَهارًا وليلًا؟" (لوقا 18: 7). وبِحسبِ الظُّروفِ العاديَّة، كُنَّا نتوقَّعُ أنْ نَرى التِّسعةَ في جَانِبٍ، والعاشِرَ في جَانِبٍ آخَر،"لِأَنَّ اليَهودَ لا يُخالِطونَ السّامِريّين" (يوحنّا 4: 9)،ويَنظُرونَ إليهم نَظرةَ احتِقار. لكنْ هنا، البُرْصُ – يَهودًا وسامِريّين – كانوا يَعيشونَ معًا، إذ لم تَكُن بَينَهم عُنصُريَّة. المَرَضُ قَرَّبَ بَينَهُم، فالوَجعُ المشتركُ ألغى الحَواجِزَ المُفتَرَضة.بالإضافةِ إلى ذلك، إنَّ الشَّيءَ الّذي عِندَهُ يَتساوى جَميعُ البَشرِ هو الخَطيئَة، كما يقولُ الرَّسولُ بولس:"ذلِكَ بِأَنَّ جَميعَ النّاسِ قد خَطِئوا فَحُرِموا مَجدَ الله" (رومة 3: 23). وطالما اشتركَ العَشَرَةُ في النَّجاسَة، لَم يَبقَ أمامَهُم جميعًا إلّا شَيءٌ واحِدٌ مُشتركٌ أيضًا: رَحمَةُ الله، كما يقولُ بولس أيضًا:"فَلا فَرقَ بَينَ اليَهوديِّ واليُونانيّ، فالرَّبُّ رَبُّهم جميعًا، يَجودُ على جميعِ الّذينَ يَدعونه" (رومة 10: 12). لقد دَخَلَتْ هذِه الصَّرخَةُ إلى صَميمِ قلبِ المسيح، إذ لَم يَقُلْ لَهُم: "اتركوني، فَالرَّبُّ يُشفيكم"، كَلاّ، فَلَم تَصدُرْ مِنه أقوالٌ لا مُبالِيَة، بل وَقَفَ وامتحَنَ إيمانَهُم، قائِلًا لَهُم:"اُمضوا إلى الكَهَنَةِ فأَروهُم أَنفُسَكُم" (لوقا 17: 14). |
|