![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قلبٍ يسمع نداء الجوع والضعف بصمت في أحد أحياء مدينة أياكوتشو في بيرو، يقف مطعم صغير اسمه Ajilalo، لكنه بات معروفًا في أنحاء البلاد — لا بسبب أطباقه اللذيذة، بل بسبب قلب صاحبه الكبير. منذ نحو عشر سنوات، وبينما كان خيراردو أورتيز، مالك المطعم، يُنهي يومه المزدحم، لاحظ من بعيد كلبًا ضالًا يقترب بخطوات مترددة. كان الكلب هزيل الجسد، مبلل الشعر، وعيناه تحملان مزيجًا من الخوف والرجاء. توقّف عند باب المطعم، وكأنه يسأل بصمت: “هل من مكانٍ لي هنا؟” كان بوسع خيراردو أن يطرده، كما يفعل كثيرون، لكنه لم يستطع تجاهل تلك النظرة. اقترب منه بهدوء، وأعدّ له طبقًا من اللحم والأرز وقدّمه أمامه. حينها حدث شيء بسيط، لكنه غيّر حياة الرجل إلى الأبد: ذلك الكلب هز ذيله بامتنانٍ خالص، وكأن الدنيا بأكملها عادت له في تلك اللحظة. منذ ذلك اليوم، قرر خيراردو أن يجعل من مطعمه ملاذًا للكلاب الجائعة. كل يوم، عندما يقترب أحد الكلاب من الباب، يترك الملاعق والمقالي جانبًا، ويُعدّ له وجبة ساخنة بنفسه. لا يطلب تبرعات، ولا يسعى للشهرة، بل يفعلها في صمت، بدافع من رحمةٍ صافية وضميرٍ حي. يقول مبتسمًا: “إنهم مثلنا تمامًا… يشعرون بالجوع، ويحتاجون إلى الحنان.” ومع مرور السنوات، صار مشهد الكلاب المنتظرة خارج المطعم مشهدًا يوميًا مألوفًا. كل كلب يعرف طريقه، وبعضهم يعود كل صباح كأنه زبون دائم. يتجمعون بهدوء أمام الباب، يهزون أذيالهم انتظارًا، فيما يطل خيراردو من النافذة بابتسامة فخرٍ ودفء. ثم يخرج حاملاً الأطباق واحدًا تلو الآخر، ويضعها أمامهم كما لو كان يقدم وجبات لنجومه المفضلين. هكذا، في عالم يزداد قسوةً كل يوم، اختار رجل بسيط أن يجعل الرحمة عادته اليومية. لم يبنِ مأوى، ولم يؤسس جمعية، لكنه بفعلٍ صغير متكرر، جعل عشرات الكلاب تعرف أن الخير ما زال موجودًا، وأن الإنسانية لا تحتاج إلى إعلان… فقط إلى قلبٍ يسمع نداء الجوع والضعف بصمت |
|