![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرحلة التي سقطت من السماء ولم تتحـطم في ليلة من ليالي يونيو عام 1982، كانت رحلة الخطوط الجوية البريطانية رقم 9 تحلق فوق أندونيسيا، في طريقها من لندن إلى أوكلاند. على ارتفاع يزيد عن 37 ألف قدم، كانت الأجواء تبدو هادئة… حتى دخلت الطائرة — دون أن يدرك أحد — في سحابة رماد بركاني كثيفة ناجمة عن ثوران بركان غالونغونغ. في غضون دقائق، بدأ الركاب يلاحظون شيئًا غريبًا: ضوء أزرق متلألئ يحيط بالمحركات، ورائحة خانقة تملأ المقصورة. ثم فجأة… انطفأ المحرك الأول. ثم الثاني. ثم الثالث. وأخيرًا الرابع. أربعة محركات صامتة في سماء الليل. وطائرة بوينغ 747 عملاقة تهوي وسط الظلام، وعلى متنها أكثر من 240 راكبًا. في تلك اللحظة التي يتجمد فيها الدم في العروق، أمسك القبطان إريك مودي بالميكروفون، وتحدث بصوت هادئ أقرب إلى الطمأنينة منه إلى الخوف، قائلاً بالإنجليزية: "مساء الخير أيها السيدات والسادة. هذا القبطان يتحدث إليكم. لدينا مشكلة صغيرة فقط... توقفت المحركات الأربعة عن العمل. نحن نبذل قصارى جهدنا لإعادتها للعمل من جديد. آمل ألا تكونوا في ضيق شديد." كلماته الهادئة كانت أشبه بيدٍ تربّت على قلوب الركاب، رغم أن الطائرة كانت تنزلق صامتة في السماء كطائر جريح. بدأ الطاقم يعمل بحرفية مذهلة — أطفأوا الأنظمة غير الضرورية، وحاولوا تشغيل المحركات واحدًا تلو الآخر. ومع اقترابهم من الأرض، وبينما كانت قمم الجبال تلوح في الأفق… دبّت الحياة فجأة في أحد المحركات، ثم الثاني، فالثالث، حتى عادت الطائرة للتحليق مجددًا وسط تصفيق الركاب ودموعهم. هبطت الرحلة رقم 9 بأمان في جاكرتا، دون أن يُصـب أحد بأذى، وأصبحت تلك الحادثة تُعرف حتى اليوم باسم: “الرحلة التي سقطت من السماء… ولم تتحـطم.” الهدوء في قلب العاصفة قد يكون أعظم سلاح يمتلكه الإنسان، فرباطة جأش القبطان لم تُنقذ طائرة فقط، بل أعادت تعريف معنى الشجاعة الحقيقية. |
|