![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وَلاَ يَقُولُ الْعَابِرُونَ: بَرَكَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ. بَارَكْنَاكُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ [8]. يكشف لنا سفر راعوث عن عادة جميلة كانت قائمة، ألا وهي عندما يعبر صاحب الحقل بالحصادين، يحييهم قائلًا: "الرب معكم". ويجيبونه: "يباركك الرب" (را 2: 4). * أنتم تعرفون أيها الإخوة أنه من العادة عندما يعبر أناس على عاملين يخاطبونهم، قائلين: "بركة الرب عليكم". هذه العادة كانت سائدة على وجه الخصوص في الأمة اليهودية... إنه لا يجوز لأحد يعبر ويرى أحدًا يمارس أي عملٍ في حقلٍ أو كرمٍ أو حصادٍ أو أي شيء من هذا القبيل دون أن يبارك... من هم العابرون؟ هؤلاء الذين بالفعل عبروا هنا في مدينتهم خلال الطريق، أي خلال هذه الحياة، وهم الرسل والأنبياء. من الذين باركهم الأنبياء والرسل؟ هل الذين رأوا فيهم جذور المحبة! القديس أغسطينوس إن كان يليق بصاحب الحقل حين يلتقي بالحصادين أن يحيي الواحد الآخر بأن الله حاضر في وسطهم، وأنه يبارك صاحب الحقل، فيليق بالمؤمن أيضًا إلا ينشغل بخطاياه السابقة لئلا بتذكرها يفسد نقاوة قلبه. هذا ما تحدث عنه الأب بفنوتيوس في مناظرته مع القديس يوحنا كاسيان. * أما بالنسبة لما قلته منذ قليل، أنه بسبب هدف موضوع أمامك لا تريد أن تذكر خطاياك السابقة مرة أخرى، فبالتأكيد يلزم ألا تذكرها، إلا إذا باغتتك بغير إرادتك، فللحال أطردها فإنها تحرم الروح بقوة عن التأمل النقي، خاصة بالنسبة للمتوحد، فهي تعرقله في وصمات هذا العالم وتغرقه في الخطايا النجسة. فبينما تتذكر الأمور التي كنت تصفها في جهل وطيش... فإنه حتى وإن كنت في تذكرك لها لا تشعر بلذة، فلا أقل من أن عفونة النجاسات تفسد روحك برائحتها الكريهة وتبطل أريج رائحة الحياة الصالحة، أي رائحة الطيب الذكية. عندما تخطر بذاكرتك الخطايا السابقة، اهرب منها كما يهرب الإنسان البار الشريف متى وجد امرأة عاهرة شريرة تطلبه في الطريق العام بواسطة حديثها معه أو تقبيلها إيَّاه. فإنه إن لم يهرب منها للحال، متباطئًا في الحديث معها بأحاديث مشوبة، فإنه وإن رفض التمتع باللذة المعيبة إلا أنه لا يقدر أن يتجنب احتقار العامة له ونظرات السخرية المتسلطة عليه. هكذا نحن أيضًا، بتذكرنا المهلك هذا نسقط في أفكار كهذه. لهذا يلزمنا أولًا أن نمتنع عن التمسك بها، منفذين وصية سليمان القائل لا نذهب إلى هناك ولا نبطئ في مكانها، ولا نثبت نظرنا عليها، لئلا عندما ترانا الملائكة المارة بنا، أننا مشغولون بأفكار نجسة، فلا تقدر أن تقول لنا: "بركة الرب عليكم" (مز 8:129). فإنه يستحيل أن يستمر الفكر مشغولًا في الأمور الصالحة، إن كان النصيب الأكبر من القلب غارقًا في تأملاته الأرضية الشريرة. لقد حق قول سليمان: "عيناك تنظران الأجنبيات، وقلبك ينطق بأمور ملتوية. وتكون كمضطجع في قلب البحر أو كمضطجع على رأس سارية. يقول "ضربوني ولم أتوجع. لقد لكأُوني ولم أعرف" (أم 33:23-35). يلزمنا أن نهجر لا الأفكار الشريرة فحسب، بل والتفكير في الأمور الزمنية، رافعين اشتياقات نفوسنا نحو الأمور السمائية كقول مخلصنا: "حيث أكون أنا هناك أيضًا يكون خادمي" (يو 26:12). لأنه يحدث أيضًا حتى من باب العطف أن نفكر في سقطات الغير أو أخطائهم، فنتأثر باللذة ونسقط بالتالي في هموم الآخرين. فتكون النتيجة أن ما بدأنا به حسنًا ينتهي نهاية مهلكة، لأنه "تُوجَد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم 12:14). الأب بينوفيوس |
|