![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() من الحزن إلى الفرح ما يشدّ الانتباه في حادثة ظهور يسوع لتلاميذه أنّهم فرحوا لمشاهدته بعد أن أراهم يدَيه وجنبه. فلم يكن فرحهم بخبر القيامة بقدر ما كان الفرح بشخص القائم من بين الأموات الحامل علامات الصليب. وهذه إشارة إلى أنّ العذاب ليس طريق المجد وحسب، بل هو أيضاً طريق الفرح إذا ارتضيناه مع المسيح ومن أجله. كما أنّ الرُسُل انصرفوا من المجلس فرحين بأنّهم وُجدوا أهلاً لأن يُهانوا من أجل اسم يسوع (رُسُل 5/41). يدعو بطرس الرسول إلى فرح الاشتراك في عذابات المسيح: "افرحوا بقدر ما تشاركون المسيح في آلامه حتّى إذا تجلّىكنتم في فرح وابتهاج" (1بط 4/13). ويعبّر بولس الرسول عن فرحه بالعذابات التي يتحمّلها: "يسرّني الآن ما أعاني لأجلكم فأتمّ في جسدي ما نقص من شدائد المسيح في سبيل جسده الذي هو الكنيسة" (قول 1/24)، "قد امتلأت بالعزاء وفاض قلبي فرحاً في شدائدنا كلّها" (2قور 7/4). ويُشيد بولس أيضاً بكنائس مَقْدونِيَة التي "مع كثرة الشدائد التي امتحنوا بها قد فاض فرحهم العظيم" (2قور 8/2). وقد أنبأ السيّد المسيح بهذا الفرح الناتج من العذاب لمّا قال لتلاميذه في أثناء العشاء الأخير: "الحقّ الحقّ أقول لكم: ستبكون وتنتحبون، وأمّا العالَم فيفرح. ستحزنون، ولكنّ حزنكم سينقلب فرحاً. إنّ المرأة تحزن عندما تلِد لأنّ ساعتها حانت. فإذا وضعت الطفل لا تذكر شدّتها بعد ذلك لفرحها بأنْ قد وُلِدَ إنسان في العالَم. فأنتم أيضاً تحزنون الآن ولكنّي سأعود فأراكم فتفرح قلوبكم وما من أحد يسلبكم هذا الفرح" (يو 16/20-22). عندما يُطلب إلى المؤمن أن يفرح، حتّى في عذاباته، لا يعني ذلك إنكار الإحساس البَشَريّ والشعور الإنسانيّ، أو الاستكانة الراضخة لصروف الدَهر وأنواء القدر، أو التلذّذ المرضيّ بالألم والتعبّد الخاطئ بإذلال الجسد. إنّما الفرح في العذاب عند المؤمن يأتي من التسامي فوق الألم، فلا يرزح تحت وطأته، بل يجعله باباً للدخول في المجد السماويّ فإنّ "آلام الزمن الحاضر لا تعادل المجد الذي سيتجلّى فينا" (روم 8/18). ويفرح المسيحيّ في عذاباته لأنّه يتمثّل بالمسيح الذي تحمّل الآلام والصليب. فمَن لا يحمل صليبه كلّ يوم ويتبعه ليس أهلاً له (متّى 10/38). ومَن يتشبّه به لا بدّ من أن يقوم معه لحياة خالدة، كما يقول بولس الرسول: "فأتمثّل به في موته، لعلّي أبلغ القيامة من بين الأموات" (فل 3/10-11). كما أنّ الفرح في العذاب ينتج من قناعة المؤمن بأنّ الله يمتحن إيمانه كما يُمتحن الذهب في النار. فيظلّ على يقين بالفوز بالخلاص، ممّا يجلب له فرحاً لا يوصف هو مقدّمة فرح المجد الأبديّ (1بط 1/3-9) "فأنتم تعلمون أنّ امتحان إيمانكم يلد الثبات، وليكن الثبات فعّالاً على وجه كامل، لتكونوا كاملين سالمين لا نقصَ فيكم" (يع 1/3 و4). |
|