في العشاء الأخير كشف لنا المخلص محبته الفادية مسبقًا، فقدم ذاته في هذا العشاء الفصحي قبل أن يقدمه على الصليب، تلك المحبة التي هي جوهر تدبير الخلاص، حتى عندما نتناول من جسده ودمه الأقدسين نثبُت فيه ويثبُت فينا، وتنطبع فينا صورته وشكله، ونقتات به للحياة، ونمتزج ونتحد به، فيكون هو خبزنا وكأسنا المُروية، حياتنا وعصارتنا وحزمتنا، نذوق وننظر ما أطيب مائدته التي رتبها لنا تجاه أولئك الذين يضايقوننا، مائدة تجلب الفرح والنصرة...مائدة تجدد طبيعتنا وتُزيل مراراتنا، فنحمل ثمارًا عطرة ونزداد سمنة من الذي يعطي طعامًا لكل ذي جسد، فتمتلئ قلوبنا فرحًا ونعيمًا وتزداد نفوسنا في كل عمل صالح، ولا يقوىَ علينا موت الخطية لأننا قد نلنا الحياة الباقية والأسرار التي تشتهي الملائكة أن تطّلع عليها.