انظروا الجلادون وهم يقبضون علي ذراعيه ويتجاذبونها هاهو رأسه يترنح مع كل جذبة من جهة إلي أخري وأشواك الإكليل تزداد غورا في رأسه . اسمعوا يا آذان . أسمعوا صوت المطارق التي تسمر يدي المخلص علي الصليب . أنها ترن حتى في أعماق الأرض . ان صدي كل طرقه يبدو في القلوب كطرقه أخري .انظروا السموات وهي ترتعد والملائكة تخر ساجدة أمام هذا المشهد الرهيب . هاهم يجذبون رجليه في عنف . لقد انفتحت الجراح ، وتمزقت العضلات وتخلعت العظام من شدة الآلام ، لقد ثقبوا رجليه وأحاطوا به بشهوة غريبة . فياليتك يا نفسي تنظري إلي هذين القدمين واليدين الممزقتين الداميين . انظري الي هذا الجسد المكسو بالجراح وهذا الرأس المغطي بالأشواك والتراب والعرق والدم .
ليتك تنذهلي من هذا الصمت العميق فلم تخرج من فمه شكوى ، ليتك تندهشي لهذا الصبر والخضوع الذي تحمل به ربك العذاب القاسي ، ليتك تدركي أن هذا المعذب الجريح هو خالق الإنسان ، ومبدع الأكوان ليتك تدركي أنه لكثيرة ذنوبك وقف متألما أمام سيف العدل الرهيب وقد ذاب قلبه كالشمع أمام اللهيب .