لا يختفى الأطفال من مشهد الدخول إلى أورُشليم، فها هم يجتمعون ويصيحون بأعلى صوت لهم فى استقبال السيد المسيح الذى طالما أحبهم واهتم بهم. وحينما حاول تلاميذه، ذات يوم، أن يُبعدوا الأطفال، الذين قدِموا إليه ليلمسهم، وانتهروهم، منعهم السيد المسيح وقال: ««دعَوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم...». لم يجد الأطفال ما يقدمونه إلى السيد المسيح سوى محبتهم وفرحهم به، فقبِلهم بسرور وسعادة. وهنا أتذكر قصة عن أب كان يعمل فى حجرة مكتبه بالمنزل، لتدخل إليه طفلته الصغيرة، وكانت تحمل هدية له فى علبة وقدمتها إليه. فقام الأب بفتح الهدية، ليجدها علبة فارغة! فغضِب من ابنته وسألها عن سر تقديمها علبة فارغة. فإذا الدموع تنهمر من الطفلة! وتقول له: إنها ليست فارغة، يا أبى، فقد ملأتُها لك بقبلاتى ومحبتى!! وهنا أدرك الأب أن العلبة ليست فارغة، وإنما هى تحمل ذلك الحب العميق الذى لا يُرى بالعين المجردة، بل تحمله النفوس فى أعماقها فيراه من له عمق البصيرة. وهكذا قدم الأطفال فى يوم الأحد من محبتهم البسيطة العميقة نحو السيد المسيح.