دقيقة واحدة مع المسيح تكفي للتغيير
لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ
أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً
(يو ٤: ١٠)
أتعجب كثيراً يا إخوتي لحياتنا التي ينطبق عليها عبارة “محلك سر”، وهي تعني أن يرفع الإنسان قدمه ثم ينزل بها في نفس المكان أي يمشي دون أن يبرح مكانه ولا يتقدم خطوة واحدة. أحضر إلى الكنيسة، لكن التغير طفيف. أعرف المسيح طبعاً وأتناول من جسده ودمه، لكن النمو ضئيل جداً. لو كنت أصلي وأتناول بحق كل هذه السنوات، لكنت قد تقدمت كثيراً في حياتي الروحية. تخيل مثلاً تلميذ في الصف الأول. تسأله بعد مرور عام دراسي فيما يدرس، فيقول إنه في الصف الأول. بعد عامين تسأله، فيجيب نفس الإجابة. وهكذا وصولاً إلى ستة أعوام، لا يزال في الصف الأول. ماذا حدث له ؟ لماذا لا ينتقل إلى الصف الثاني؟ لماذا يعيد السنوات ولا يتحرك من نفس الفصل؟ من يصدق! الناس يتندرون على حاله، ويصبح أضحوكة لكل من يعرفه من الأهل والأصدقاء. وبنفس المنطق تسأل مسيحى “منذ متى تواظب على الكنيسة؟” يقول : “عشرون عاماً. فهل” تحرك قلبك ناحية المسيح في التوبة ؟ يقول “أنا في سنة أولى”. “هل تفتح الإنجيل؟ كم مرة قرأته ؟ كم عظة سمعتها؟ وما مقدار التقدم الذي أحرزته في حياتك الروحية منذ وعيت على الإيمان؟ ينبغي أن أراجع نفسي لأعرف لماذا لم أتقدم كل هذه السنوات ولماذا أضعتها ولم أستخدمها بشكل صحيح؟ لو كل مرة دخلت الكنيسة ارتميت عند قدمي المسيح، وكانت لقاءاتي معه لقاءات حقيقية مثمرة، لتغيرت حياتي كثيراً . لقاء المرأة السامرية بالمسيح استغرق على أكثر تقدير نصف ساعة. فقد ذهب التلاميذ ليبتاعوا طعاماً من المدينة، وحين عادوا وجدوه يتحدث معها، فلم يقاطعوه حتى انتهى من کلامه معها ومضت. ومع ذلك كُتب عن السامرية إنجيلاً طويلاً يُكرز به منذ أكثر من ألفي عام وحتى مجيء المسيح. الإصحاح الرابع من بشارة يوحنا هو حاصل نصف ساعة قضتها المرأة السامرية مع المسيح. شيء مذهل أن تكون محصلة نصف ساعة هذا القدر من التغير في الحياة! تحولت السامرية من امرأة كان لها خمسة أزواج وتعيش مع رجل ليس زوجها إلى قديسة كارزة، يُكرز باسمها في الإنجيل! لذلك فإن هؤلاء الذين عاشوا عشرات السنين في الكنيسة، يجدر بهم أن يصلوا إلى السماء وسماء السماوات. المرأة السامرية أمضت نصف ساعة مع المسيح بإخلاص وانفتاح قلب وانفتاح بصيرة تسأله وتسمع وتجادل قال لها: “أَعْطِينِي الأَشْرَبَ” . فقالت له: كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟” أَجَابَ يَسُوعُ: لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لَأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً. قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: “يَا سَيِّدُ لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟ وهكذا دخلت معه في سجال وكلام، في أخذ وعطاء لنصف ساعة. فهل تظن أن نصف ساعة تكفي لعمل كل هذا التغيير ؟ صدقني دقيقة واحدة فقط مع المسيح تكفي دقيقة واحدة بانفتاح قلب بلا تحفظات، ويكون القبول داخل نفس الإنسان بلا رجعة.