![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() دعوة للاعتزاز بداود النبي! بحكمةٍ يفتتح القديس يوحنا الذهبي الفم عظته الثانية عن "داود وشاول" بتطويبه المُستمِعين إليه من أجل اعتزازهم بشخص داود. اقتبس القدِّيس كلمات بولس الرسول: "الذين إذ عرفوا حكم الله أن الذين يعملون مثل هذه (الشرور) يستوجبون الموت لا يفعلونها فقط، بل أيضًا يُسرُّون بالذين يعملون" (رو 1: 32). يُعَلِّق على هذه العبارة، قائلاً بأن الذين يُسَرُّون بفاعلي الشر هم أشر من الذين يمارسون الشر. ولعله يقصد أن من يمارسون الشر يسقطون فيه، ربما عن إهمالٍ أو ضعفٍ، أما الذين يُسَرُّون بهم، فهم مُصِرُّون على مدح الشر بإرادة ونيَّة شريرة. فمدحهم للأشرار أشر من الذين يمارسون الشر. بنفس الصورة الذين يُسَرُّون بفاعلي الصلاح أعظم من الذين يمارسونه. لهذا فإن القدِّيس لا يُطَوِّب داود النبي وحده على قِيَمه المستقيمة، بل ويُطَوِّب المُعجَبين بداود لممارسته هذه القِيَم المستقيمة. يقول القديس إكليمنضس الروماني: "قال الله: إن من يعمل مثل هذه الأمور ومن يُسَر بفاعليها، مكروهون لدى الله[15]". v إذ مدحتم صبر داود، أُعجب بولعكم وتعلُّقكم بداود. ها أنتم ترون ليس فقط ممارسة الفضيلة والمباراة فيها، بل والسرور والإعجاب بالذين يمارسونها يجلب مكافأة ليست بقليلةٍ. وبالمثل ليس محاكاة الرذيلة فقط وإنما السرور بالذين يعيشونها يكون مصدرًا للمجازاة. في الواقع توجد ملاحظة هامة بأن ذلك أشر من الذين يعيشون في الشر. الدليل على أن هذا حق، ما يُقَدِّمه بولس بقوله بعد أن قدَّم قائمة بكل نوعٍ من الرذيلة، مُوَجِّهًا الاتهام لجميع الذين يطأون شرائع الله، أكمل متحدثًا عن هؤلاء الناس: "الذين إذ عرفوا حُكْمَ الله أن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت، لا يفعلونها فقط، بل أيضًا يُسَرُّون بالذين يعملون. لذلك أنت بلا عذر أيها المائت" (راجع رو 1: 32-2: 1). ألا ترون أنه يتحدث هكذا بقصد إظهار أن الأخيرين أشر من الأولين؟ أخيرًا، فإن الذين يبلغون إلى مدح الخطاة يستحقون عقوبة أكثر من الذين يخطئون، وهذا حق. هذا القرار (بمدح الخطاة) يصدر عن فكرٍ فاسدٍ ومرضٍ غير قابل للشفاء. ها أنتم ترون أن من يشجب الخطية بعد ارتكابها، فإنه في النهاية ينجح في الشفاء مما ارتكبه، بينما الذين يمدحون الشر، يعزلون أنفسهم عن الشفاء الذي يتحقق بالتوبة. لهذا فإن بولس مُحِقٌ في تأكيد أن الأخيرين أشر من السابق عنهم. هكذا كما أن الذين يمدحونهم سيشاركونهم نفس العقوبة، وربما أكثر منهم. هكذا من يمدحون الصالحين، ويُعجَبون بهم، سيشاركونهم الأكاليل التي سينالونها. يمكنكم أن تروا نفس الأمر في الكتاب المقدس، في قول الله لإبراهيم: "أبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه" (تك 12: 3). يمكنكم أن تروا نفس الحالة في الألعاب الأولمبية، فإنه ليس فقط المصارع يتزين بالإكليل، هذا الذي يحتمل المتاعب ويقوم بالمجهود، بل حتى المُعجَب بالغالب يتمتَّع بشبع ليس بقليلٍ من ذاك التصفيق. لهذا عينه أطوب ليس فقط الإنسان النبيل على قِيَمه السليمة، بل وأُطوِّبكم أنتم من أجل ولَعكم به. لقد حارب وانتصر وتكلَّل، وأنتم سررتم بالنصرة، فتنالون نصيبًا ليس بقليلٍ من الإكليل. القديس يوحنا الذهبي الفم يكشف هنا القديس يوحنا الذهبي الفم عن سرّ اهتمام الكنيسة بالاحتفال اليومي بأعياد أحد أو بعض القديسين وتعتز بهم، فهي تود أن يُسر المؤمن بمن يسلكون في المسيح يسوع، فيعجب بعمل الله فيهم ومعهم، ويقتدي بهم، ويشاركهم إكليلهم السماوي، ولا يُسر بالذين يفعلون الشر حتى لا يشاركهم جزاءهم الأبدي. من يتشفع بالقدِّيسين مقتديًا بسيرتهم، يشترك في الحقيقة في المجد معهم وفي الأكاليل التي يتوَّجون بها، ويصير أيقونة حية للمسيح مقتفيًا آثارهم. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | تمتع بداود الملك |
صموئيل النبي | رحب أخيش بداود |
صموئيل النبي | لماذا غدر الزيفيون بداود |
Image Color بداود النبي وهو طفل |
اقتدى عزرا الكاتب بداود النبي |