![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وَلَمَّا تَشَدَّدَ ارْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى الْهَلاَكِ، وَخَانَ الرَّبَّ إِلَهَهُ، وَدَخَلَ هَيْكَلَ الرَّبِّ لِيُوقِدَ عَلَى مَذْبَحِ الْبَخُورِ. [16] جاء في الترجوم: [لقد أخطأ ضد كلمة الله إلهه.] لعل نجاحه وشهرته على مستوى عالمي، ورُعْب الأعداء منه، دفعه إلى الكبرياء، فتسلل في قلبه وفكره العصيان على الشريعة الإلهية. للأسف رغم كل هذا النجاح ارتفع قلبه إلى الهلاك [16]. تعالى، وحاول اغتصاب الحق، لإيقاد البخور على المذبح الذهبي الخاص بالكهنة وحدهم (عد 16: 40). ضُرِبَ الملك بالبرص لاحتقاره قداسة الله، فبادر بالخروج من حضرة الرب. سقط بعض الملوك الذين من نسل داود في الزنا أو عبادة الأوثان أو الزواج من وثنيات أو القتل، غير أن عُزِّيا لم يُتَّهم بأية خطية من هذا النوع، إنما خان الرب إلهه بتعدِّيه على وظيفة الكهنوت. وهو في هذا لم يتَّعِظ بما سبق أن فعله شاول البنياميني أول ملك لإسرائيل. لم نسمع أن أحدًا من الملوك الصالحين أو الأشرار فعل هذا، فلماذا تجاسر عُزِّيا الملك، ودخل الهيكل ليوقد بخورًا على المذبح، بالرغم من معرفته أن الناموس يمنعه من ذلك، وقد دخل وراءه رئيس الكهنة ومعه ثمانون كاهنًا يقاومونه، أما هو فغضب جدًا وحنق عليهم؟ 1. ربما ظَنَّ أنه أكثر غيرة وحبًا للعبادة من الكهنة ومن الملوك السابقين، فتعدَّى حدوده، ومارس ما لا يجوز له فعله. 2. ربما توَّهم أن الكهنة لم يقوموا بوظيفتهم بورعٍ وتقوى كما يجب، وأنه بإمكانه أن يعمل ما هو أفضل منهم. 3. ربما كان ذلك في يوم عيدٍ مقدسٍ، أو مناسبة خاصة به أو بأسرته، فدخل يُقَدِّم بخور شكر لله أو يطلب مراحمه، لكن للأسف بروح التشامخ والتحدِّي للوصية الإلهية. 4. ربما لاحظ أن الملوك الذين انحرفوا في عبادة الأوثان أوقدوا بخورًا بأنفسهم للأصنام، فأبوه أوقد بخورًا لآلهة أدوم (2 أخ 25: 14). وأيضًا يربعام (1 مل 13: 1). فأراد أن يؤكد أنه ملتصق بمذبح الرب لا مذابح الأوثان. 5. إذ تعرَّف على الكثير من الأسرار الإلهية وشرح النبوات بتلمذته لزكريا الفاهم بمناظر الله، لم يسلك بما يليق بهذه المعرفة، إنما ظَنَّ أنه صاحب معرفة أكثر من غيره، فسقط في الغرور والكبرياء. هذا كله لا يُبَرِّر ما فعله، إذ لم يكن قانعًا بالكرامات والعطايا والنصرات التي وهبه الله إيَّاها، فأراد اغتصاب الممنوعات كما فعل أبوانا الأولان. v توجد أربع علامات بها يُعرَف كل نوعٍ من كبرياء المتعجرفين: وإذا اعتقدوا أنها وُهِبَت لهم من فوق، ولكن من أجل استحقاقاتهم الذاتية. أو دون تردد عندما يفتخرون بأن لديهم شيء وهو ليس لديهم، أو عندما يستخفون بالآخرين، ويرغبون أن يظهروا أنهم الوحيدون الذين لديهم ما لهم. يفتخر الشخص بأنه اقتنى سماته الصالحة من ذاته، مثل هذا يقول له الرسول: "أي شيء لك لم تأخذه؟ وإن كنت فد أخذت، فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟" (1 كو 4: 7) مَرَّة أخرى، يُحَذِّرنا ذات الرسول ألا نظن أن أية عطية من النعمة تُوهَب لنا عن استحقاقات سابقة، بقوله: "لأنكم بالنعمة مُخَلَّصون بالإيمان، وذلك ليس منكم، هو عطية الله. ليس من أعمالٍ كيلا يفتخر أحد" (أف 2: 8-9). ويقول عن نفسه: "أنا الذي كنتُ قبلاً مُجَدِّفًا ومضطهدًا ومفتريًا، ولكنني رُحمت" (1 تي 1: 13). في هذه الكلمات يعلن بوضوحٍ أن النعمة لا تُعطَى لمستحقين، حين يُعَلِّمنا الأمرين، أي استحقاق له عن أفعاله الشريرة، وأن ما ناله هو بواسطة حنو الله. لكن يفتخر البعض أن لديهم أمورًا بالحقيقة ليست لديهم، وذلك كما يتكلم الصوت الإلهي عن موآب بالنبي: "أنا عرفت كبرياءه وعجرفته، وأن فضيلته ليست حسب (استحقاقاته)" (راجع إر 48: 30). وقيل لملاك كنيسة لاودكية: "لأنك تقول إني أنا غني، وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيء، ولستَ تَعْلَم أنك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان" (رؤ 3: 17). والبعض في استخفافهم بالغير، يرغبون في الظهور أنهم الوحيدون أصحاب سمات صالحة يتَّسمون بها. هكذا نزل الفريسي من الهيكل دون أن يتبرَّرَ، لأنه وصف نفسه كما لو كان في موقفٍ فريدٍ، مستحقًا للأعمال الصالحة، ومَيَّز نفسه عن العشار المتوسل. يُحَذِّرنا الرسل القديسون من خطية الكبرياء هذه. فإنهم إذ رجعوا من كرازتهم، وقالوا في كبرياء: "يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" (لو 10: 17)، فلكي يحفظهم من الفرح بهذه العطية الفريدة لعمل المعجزات... أجابهم الرب للحال، قائلاً: "رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء" (لو 10: 18). البابا غريغوريوس (الكبير) v كيف يمكننا أن نتخلَّص من المجد الباطل؟ فَكِّروا في أولئك الذين من أجل المجد أنفقوا أموالاً كثيرة، ولم ينالوا شيئًا منه. فَكِّروا في الأموات، أي مجد قد نالوه، وكيف أن هذا المجد لا وجود له، بل يبدو أنه صار كلا شيء. لتفكروا أنه يحمل مُجَرَّد الاسم "المجد" ولا يحوي فيه شيئًا حقيقيًا... لنهرب من هذه الهوة، ولنطلب أمرًا واحدًا: المجد الذي من الله، وأن نكون مقبولين لديه، وممدوحين من سيدنا جميعًا. فإذ نعبر حياتنا الحاضرة في الفضيلة، ننال البركات الموعود بها مع أولئك الذين يحبونه بنعمة ورحمة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقدرة والكرامة مع الآب والروح القدس إلى أبد الأبد وإلى انقضاء العالم. v لنهرب من الكبرياء، لأنه أكثر الأوجاع خداعًا للنفس. فمنه تنبع الشهوة الرديئة ومحبة المال والكراهية والحروب والصراعات. لأن الذين يطمعون في نوال أكثر مما لديهم لن يستطيعوا أن يتوقَّفوا. شهوتهم لا تنبع إلاَّ من خلال حُبِّهم للمجد الباطل... إذا ما استطعنا أن نقطع الكبرياء، رأس كل شرٍ، يصاحب ذلك إمكانية إماتة كل أعضاء الشر الأخرى، ولا يوجد شيء يمنعنا عن أن نعيش على الأرض وكأنها سماء!... إذا ما أردنا أن نقتني مجدًا، يلزمنا أن نهرب من مجد العالم، ونشتهي مجدًا من الله وحده. حينئذ نحقق الاثنين معًا (المجد في العالم ومن الله)، ونتمتَّع بهما بنعمة ربنا يسوع المسيح ومحبته الحانية. v واضح أن الفخر المُبالغ فيه كان من سمات الرسل الكذب. v كما أن الكبرياء هو ينبوع كل الشرور، هكذا التواضع هو أساس كل ضبط للنفس القديس يوحنا الذهبي الفم |
![]() |
|