"الكسلان يأكل لحمه وهو طاوٍ يديه" [5].
الكسلان إما هربًا من ظلم الآخرين أو يقصد الانتفاع بتعب الغير دون مشاركتهم العمل لا ينتفع شيئًا. إنه يطوي يديه عن العمل، فيخسر كل شيء ولا يجد حتى ما يأكله... فيأكل لحمه. وهو تعبير مجازي يعني الموت جوعًا أو يعني أن الكسلان يدخل في حالة فراغ داخلي، عوض التفكير في العمل الإيجابي يرتبك بأفكار كثيرة مُبالغ فيها، تحطم نفسيته وتفقده صحته حتى الجسدية.
* ليس من حاجة أن أصف لكم جسامة شرّ البطالة، في حين أن الرسول أوصى صراحة "إن كان أحد لا يُريد أن يشتغل فلا يأكل أيضًا" (2 تس 3: 10). فكما أن القوت اليومي ضروري لكل إنسان كذلك الكدّ بحسب طاقته ضروري له. لم يكتب سليمان عبثًا في مديح المرأة النشيطة: "لا تأكل خبز الكسل" (أم 31: 27)، كما قال الرسول أيضًا عن نفسه: "ولا أكلنا خبزًا مجانًا من أحد بل كنا نشتغل بتعب وكدٍّ ليلًا ونهارًا" (2 تس 3: 8)، مع أنه كان له السلطان ككارز بالإنجيل أن يعيش من الإنجيل (1 كو 9: 14)، بل أن الرب (في حديثه) قد جمع بين الكسل والشر، إذ قال: "أيها العبد الشرير والكسلان" (مت 25: 26). على أن سليمان الحكيم لم يثنِ فقط على العامل كما ذكرنا (أم 31: 27) بل وبّخ الكسلان إذ شبهه بأدنى الحيوانات (الحشرات) قائلًا: "اذهب إلى النملة أيها الكسلان" (أم 6: 6). لذا يجب علينا أن نخشى من أن نوبَّخ نحن كذلك في يوم الدينونة، لأن الذي أعطانا القدرة على العمل يطلب منا أعمالًا تناسب قدرتنا هذه، فإنه قال: "من يُودعونه كثيرًا يطالبونه بالأكثر" (لو 12: 48).
وبما أن البعض يستنكف من العمل بحجة الصلوات والتسبيح بالمزامير، فعلى مثل هؤلاء أن يعلموا أن لكل شيء وقتًا خاصًا به كما قال الجامعة: "لكل أمر أوان" (جا 3: 1).