يرى العلامة أوريجانوس
أن المؤمن وهو منطلق من برية هذا العالم ليدخل أورشليم السمائية يتغنى بأناشيد كثيرة، حتى متى استقر في حضن العريس الأبدي في الحجال السماوي يترنم بنشيد الأناشيد، أما الأناشيد التي يُسبح بها في الطريق، فهي:
أ. إذ تعبر النفس مع الشعب بني إسرائيل البحر الأحمر تقول:
"أرنم للرب لأنه قد تعظم. الفرس وراكبه طرحهما في البحر. الرب قوتي ونشيدي، وقد صار خلاصي" (خر 15: 1).
يعلق العلامة أوريجانوس على هذا النشيد قائلًا: "وإن كنت تترنم بهذا النشيد الأول إلاَّ أن الطريق لا يزال طويلًا للوصول إلى نشيد الأناشيد".
هذا هو بدء الأناشيد، تترنم به النفس البشرية عندما تنعم بالدخول إلى مياه المعمودية، فتدرك أن "الله" هو سرّ قوتها وخلاصها وغلبتها على إبليس وكل جنوده... لقد صارت بالمعمودية ابنة له، تحت رعايته، يهبها روحه القدوس ليتمم خلاصها.
لهذا جعلت الكنيسة هذا النشيد جزءًا أساسيًا في التسبحة اليومية، وكأنها تُريد أن يتذكر أولادها كل يوم عبورهم من عبودية الخطية وتمتعهم بالتبني لله خلال المعمودية، فتتأكد في أذهانهم غلبتهم على قوات الظلمة، ويشهدوا للرب مخلصهم!
ب. يرى العلامة أوريجانوس أن النشيد الثاني في هذه الرحلة الروحية نترنم به عندما نأتي إلى البئر التي حفرها الرؤساء في البرية، "حيث قال الرب لموسى أجمع الشعب فأعطيهم ماء" (عد 21: 16)... فترنم الكل هكذا: "أصعدي أيتها البئر أجيبوا لها، بئر حفرها الرؤساء، بئر حفرها شرفاء الشعب بصولجان بعصيهم".
هذه أنشودة النفس التي تتقبل من الله نفسه - خلال الكنيسة (الرؤساء) - ينابيع المياه الحية. فآبار الآباء أو الرؤساء هي عطية الله نفسه، كقول الرب لموسى "أعطيهم ماء"، لكن الذي يحفرها هم الرؤساء، أي العاملون في كرم الرب.