![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تقنين القديسين والشهداء في الكنيسة - من هم القديسين
دائماً ما نمدح القديسين ونكرمهم ونُمجدهم، دون أن نعي الأصول الكنسية السليمة في مفهوم القديسين، فترسخ في الأذهان أن القديسين هم أصحاب المعجزات والخوارق، مع أن لا علاقة للقداسة بالمعجزات، لأن المعجزات ليست من علامات أو ملامح القداسة، ولا تكريم القديسين في الكنيسة له علاقة بمعجزاتهم على الإطلاق !!! لذلك رأيت أن أضع موضوع هام للغاية عن تقنين القديسين والشهداء في الكنيسة عموماً وباختصار شديد، حتى نعود للتعليم الصحيح، ولا نحزن أحباءنا القديسين الذين نحن معهم في جسد واحد غير منقسم، ونجتمع معهم في كل صلاة نقيمها وفي كل قداس نحضره !!! في الواقع العملي، إن حياة القديسين صورة لحياة المسيح له المجد، فهم أعضاء جسده الذين يحيون حياته نفسها طائعين وصاياه بالمحبة وثقة الإيمان الحي، وقد امتلئوا بنوره الإلهي، مقتدين به ويحيا هو فيهم، لأنهم تذوقوا خبرة: " مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان إيمان ابن الله الذي أحبني واسلم نفسه لأجلي " (غلاطية 2: 20) لذلك حينما نتأمل في حياة القديسين، لا نرى مجرد أشخاص خارقين أو مجرد أناس أصحاب معجزات، بل نرى من خلال حياتهم وسلوكهم أن عقائد كنيستنا ليست مجرد حقائق فكرية، بل هي حياة إنسان الله ونرى رونقها وجمالها وملامحها في حياتهم الشخصية، ولو فحصناها بدقة سنجد الآتي: + النعمة الإلهية في اتساعها الحلووباختصار نجد حياتهم شهادة خاصة لله ودعوة شركة خاصة لنا نحن أيضاً ، وهي عملهم الحقيقي ودعوتهم الخاصة للجميع : + فان الحياة أُظهرت و قد رأينا و نشهد و نخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا (1يوحنا 1: 2)يا أحبائي – حياة القديسين بجملتها هي ثمرة عمل الروح القدس في داخلهم، وأفكارهم وأقوالهم هي أفكار المسيح وأقواله وأعماله: " لأنه من عرف فكر الرب فيعلمه وأما نحن فلنا فكر المسيح" (1كورنثوس 2: 16)، متسربلين بنور المسيح الحلو، حارسين العالم بصلواتهم، سواء أحد طلبها أم لا، لأن هذا هو عملهم الدائم (( والمصيبة أني أحياناً اسمع أحد يقول أن قديس زعلان من الناس أنها لا تطلب شفاعته، ولا أدري من أين يأتون بمثل هذه الأقوال الغريبة جداً عن روح الكنيسة والتعليم الصحيح )) هم يصلون لأجلنا ويتشفعون من أجل خلاص العالم وتوبته، وصلواتهم مرفوعة في جامات من ذهب مملوءة بخوراً ( رؤ 5: 8 )، أي ثمينة جداً في عيني الله الذي يحفظ وعده لقديسيه ويستمع لطلباتهم، لأنها مرفوعة بالحب وصدق الإيمان ... كثيرين اختلطت عليهم الأمور، لدرجة أنهم أصبحوا يكرمون القديسين كمجرد إكرام وصل إلى التقديس ورفعهم فوق مستوى الله ذاته، وكأنهم أصبحوا لنا سرّ الحياة ذاتها، وأصبحت معظم الصلوات والدعاء موجهه للقديسين أكثر ما تقدم لله ذاته، وتعددت الشروحات والتفسيرات حسب رأي ورؤية كل شخص بعيداً عن رؤية الكنيسة والليتوروجيا المقدسة وصلوات الكنيسة !!! وبفعل تصورتنا الخاصة – وبخاصة تركيزنا على المعجزات والخوارق وحدها – أحزنا القديسين أكثر مما أكرمناهم، فما هو السرّ الحقيقي وراء إكرامهم برؤية الكتاب المقدس وحسب التسليم الآبائي الأصيل !!! حددت الكنيسة الأرثوذكسية أياماً للتعييد بالقديسين والشهداء الأطهار، الذين أكملوا السعي وحفظوا الإيمان بكل حب لشخص الكلمة ربنا يسوع، في شركة الثالوث القدوس: " أما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح " (1يو 1: 3 ) وهم قيام حول عرش الله ويتبعون الخروف حيثما ذهب ( رؤ14: 4 ) وذكرهم يدوم إلى الأبد ( مز112: 6 ) . وفي هذا الذكر، أي ذكر القديسين في أعيادهم، وعلى الأخص في عيد نياحتهم واستشهادهم، نذكرهم كمرشدين لنا لحياة التقوى والالتصاق بالرب يسوع وشركة الثالوث في عبادة مقدسة من قلب طاهر بشدة ... والهدف الأسمى لذكرهم والتعييد لهم هو أننا ننظر لنهاية سيرتهم ونتمثل بإيمانهم، فلا شيء أنفع لنا من التأمل في حياة القديسين وإمعان النظر في أعمالهم بحسب قول القديس يوحنا ذهبي الفم ... فذكر القديسين لا يأتي كي ما نتصور معجزاتهم، على قدر أننا نرى حياتهم وكيف جاهدوا الجهاد الحسن بكل ثبات على الإيمان وحياة التقوى وخبرة مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ، وكيف غلبوا بثقة الرجاء والرسوخ في الإيمان وقوة المحبة لله، العالم وسلطان الموت !!! + " قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان " (2تي 4: 7)الكنيسة تقوم بإكرام القديسين، لأن من يكرمهم يكرم المسيح رب المجد شخصياً، ومن يحتقرهم يحتقره ( حاشا لنا أن نحتقر القديسين أو نهين رب المجد ذاته، لأن بهذا يكون لنا خزي عظيم ) : + " من يسمع منكم يسمع مني و الذي يرذلكم يرذلني والذي يرذلني يرذل الذي أسلني " ( لو10: 16 )الله عزيز في قديسيه وموتهم كريم في عينيه ( مز116: 15 ) ويقول القديس اغريغوريوس: { إن ذكر القديسين هو في ذاته بركة وتقديس وأمر عظيم للحث على الفضيلة } ويقول مار اسحق السرياني : أن سيرة القديسين يكون كالغروس المثمرة وأن أخبارهم شهية في مسامع الودعاء . وفي النهاية لنا أن نعرف أن القديسين والشهادء هم بزار الكنيسة وذخرها الحي ...
[ تذكار رجال الله القديسين مثل المنارة المضيئة التي تقود نفوسنا إلى ميناء الفضيلة لكي نجتاز عواصف الشتاء في الحياة ] القديس اغريغوريوس النيصييُعتبر آباء الكنيسة، أن تكريم القديسين في الكنيسة وتمجيدهم، ليس هو مكافـأة لهم، أو وضعهم فوق عمل الله على الإطلا ، ولا مجرد تكريم ومدح شكلي أو صوري، أو حتى إعطاء مجرد تبجيل لشخصياتهم !!! وإنما تكريمهم يتم على أساس أنهم أيقونات كاملة لربنا يسوع والمسيح، بإيمانهم ومحبتهم وسيرتهم العطرة، لذلك يتم توقيرهم في الكنيسة على أساس أنهم صورة حقيقية للمسيح له المجد، وهم عمله الحقيقي : + " لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورةابنه ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين " (رو 8: 29)أساس تكريم القديسين والشهداء، هو عظمة شخص المسيح له المجد وعمل الروح القدس فيهم، فالتكريم موجه لشخص الله نفسه، لأنهم أيقونات تعكس صورة المسيح والتي هي صورة الله المغروسة في الإنسان، لأنهم في حياتهم حققوها بالنعمة والطاعة لعمل الله، ناظرين وجه الرب متغيرين لصورته عينها من مجد لمجد دائم بالنعمة وعمل الروح القدس في قلوبهم ( 2كو3: 18 ). وتكريم القديسين والشهداء يؤكد على أن حياة القداسة ممكنه وليست مستحيلة ومتاحة للجميع بلا استثناء، والقداسة لها أشكال متعددة كثيرة، فكل من يُقبل إلى الله ملتصقاً به بالحب والإيمان طالباً حياة الشركة وساعياً لها، مشتهي أن ينضم للقديسين، ينال هو أيضاً بدوره نصيباً معهم وشركة حلوة ممتعة، لأن دعوتهم لنا دائماً هي : + الذي رأيناه و سمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح (1يو 1: 3) ولنا أن ننظر لنظره أشمل، ففي العصر الرسولي الأول، كان أعضاء الكنيسة يُدعوَن (( قديسين )) (( كهنوت ملوكي )) (( أمه مقدسة ))، لذلك كان يشترك الجميع، من انتقلوا أو من هم أحياء على الأرض يعيشون بحياة التقوى يُدعون :/ قديسين . وفي بداية القرن الرابع، كان الأعضاء المؤمنون في الكنيسة الحافظين للإيمان، والمشتهرون بحياتهم المقدسة يوقرون كقديسين، وكان الاحتفال بيوم نياحة قديس استشهد أو قديس شهيد الإيمان مدافع عنه، أو قديس عاش حياة التقوى، اُعتبر أنه " يوم مقدس " و " عيد مجيد " وكان يجتمع الشعب مع الكهنة والأساقفة ليحتفلوا بهذا اليوم في احتفال مجيد بكل تقوى وهدوء وورع، ويجتمعون حول مكان استشهاد القديس ويبنون كنيسة على اسمه ... وتتم مراسم الاحتفال بالليتورجيا، وفي أثناءها كان يُلقي الأب الأسقف الحاضر الاحتفال، عظة يمتدح فيها سيرة القديس مظهراً حياة الإيمان والحياة المقدسة التي للشهيد أو الناسك أو حتى العلماني الذي عاش واستشهد أو تنيح بعد جهاد الإيمان الحي العامل بالمحبة لكي يُسلم سيرة مقدسة حية لكي يتمثل بها الجميع موضحاً إمكانية القداسة للجميع ليتبعوا نفس ذات الخطوات، وقد حُفظت بعض هذه العظات على مرّ التاريخ، وهي فعلاً كلمات في منتهى الروعة وتعتبر جواهر للكنيسة تشجع على حياة التقوى والحياة مع الله . والسؤال المطروح اليوم :
النعمة معكم يا أحباء يسوع، طالبين من الله أن يأصلنا في حياة الشركة في سر الكنيسة علنا نعي ما هي القيمة الحقيقية لشركتنا مع القديسين، لا لأجل المعجزات والخوارق التي هي محور حديثنا إنما لكي تكون لنا شركة معهم ومع الله الحي القدوس +++ + الذي رأيناه و سمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا وأما شركتنا نحن فهي مع الآب و مع ابنه يسوع المسيح (1يو 1: 3) |
![]() |
|