شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
التثنية 12 - تفسير سفر التثنيه
آية1:-هذه هي الفرائض والاحكام التي تحفظون لتعملوها في الأرض التي اعطاك الرب اله ابائك لتمتلكها كل الأيام التي تحيون على الارض.
حتى لا يظنوا أن الفرائض الطقسية والأحكام القانونية المُتعلقة بالقضاء كانت لوقت الشدة والعبودية والتوهان في البرية فقط. بل هي لوقت الراحة والسلام أيضًا
آية2:-تخربون جميع الاماكن حيث عبدت الامم التي ترثونها الهتها على الجبال الشامخة وعلى التلال وتحت كل شجرة خضراء.
كانت الشعوب الوثنية تعبد آلهتها على قمم الجبال الشامخة والتلال وتحت الأشجار، هناك كانت تصنع مذابح لآلهتها وتقيم أنصاب وسوارى ومارسوا الفحشاء هناك. والله يأمرهم بهدم كل المذابح الوثنية حتى لا ينبهروا بها وتخدعهم فيعبدوا الأوثان. ترثونها = فالله وعد بها الآباء
آية4:-لا تفعلوا هكذا للرب الهكم.
أى لا تقيموا مثل هذه العبادات لله ولا تقيموا تماثيل… الخ ولا تعبدوا الرب فى كل مكان بل في مكان واحد (وهذا يتضح من آية5) ولا تحاولوا تقليد الغير بدعوى التطوير. آية5:- بل المكان الذي يختاره الرب الهكم من جميع اسباطكم ليضع اسمه فيه سكناه تطلبون والى هناك تاتون.
الأرض التي استخدمت قبلًا للدنس هي بعينها تتقدس لتحسب موضع سكنى الله والتقديس كان بدم الذبائح، وهذا ما حدث لأجسادنا بدم ذبيحة المسيح. والله قصد أن يختار المكان بنفسه ولا يترك لهم الحرية في الإختيار حتى لا يكون ذلك سبب تنافس وتباغض بين الأسباط. ولم يُعلن الرب اسم المكان من قبل حتى لا تتطاحن الأسباط على إمتلاكه. والله كان يختار مكان خيمة الاجتماع ثم اختار بعد ذلك المكان الذي يُقام فيه هيكل سليمان. وحكمة الله في إختيار مكان واحد لعبادته الجمهورية ومذبح واحد لتقديم الذبائح عليه:-
1-يربط الشعب بإلههم الواحد ويجنبهم خطر الإعتقاد بتعدد الآلهة
2-حتى لا يشتركوا مع الشعوب الوثنية في تقديم ذبائح لآلهتها.
3-تذكرهم أنهم شعب واحد لهم إيمان واحد ومرتبطين معًا برباط الروح والمحبة، فهم يأتون له من كل مكان في أعيادهم الكبيرة كالفصح لتقديم ذبائحهم (كأنه موسم حج) وحينما يجتمعون ويصلون ويسبحون يتم تصحيح مفاهيمهم العقيدية فلا تتلوث عقيدتهم.
4-يشير هذا المكان الواحد الذي يختاره الله أن هناك مسيح واحد وذبيحته واحدة غير متكررة فهو المذبح وهو الذبيحة. ونحن ليس لنا سوى شفيع واحد عند الله الآب الإنسان يسوع المسيح. وكون أن الله هو الذي يختار المكان فهذا إشارة لإختيار الآب للمخلص والفادى فهو ليس إختيار بشرى. وحين انفصلت مملكة إسرائيل (العشرة أسباط) فيما بعد عن يهوذا عملوا لأنفسهم بمشورة يربعام بن نباط الملك هيكل خاص وحدث ما سبق التحذير منه فسرعان ما انحدرت المملكة الشمالية إلى العبادة الوثنية.
آية6:-و تقدمون إلى هناك محرقاتكم وذبائحكم وعشوركم ورفائع ايديكم ونذوركم و نوافلكم وابكار بقركم وغنمكم. رفائع أيديكم = الرفائع هي الجزء الذي يرفع لغرض مقدس (جزء من ذبيحة السلامة)
آية7:- و تاكلون هناك امام الرب الهكم وتفرحون بكل ما تمتد إليه ايديكم انتم و بيوتكم كما بارككم الرب الهكم.
هى شركة خلالها نفرح. ولاحظ أنه خلال الذبيحة تقبل تقدمات ونذور وعطايا الشعب
آية8-11:- لا تعملوا حسب كل ما نحن عاملون هنا اليوم أي كل إنسان مهما صلح في عينيه. لانكم لم تدخلوا حتى الان إلى المقر والنصيب اللذين يعطيكم الرب الهكم. فمتى عبرتم الاردن وسكنتم الأرض التي يقسمها لكم الرب الهكم واراحكم من جميع اعدائكم الذين حواليكم وسكنتم امنين. فالمكان الذي يختاره الرب الهكم ليحل اسمه فيه تحملون إليه كل ما انا اوصيكم به محرقاتكم وذبائحكم و عشوركم ورفائع ايديكم وكل خيار نذوركم التي تنذرونها للرب. هنا = أي في البرية لأنهم مع تنقلهم كان المذبح كل يوم يقام في مكان مختلف أي يقيمون المذبح أينما حلوا وليس في مكان واحد فقط كما سيكون في أرض الميعاد
آية12:- تفرحون امام الرب الهكم انتم وبنوكم وبناتكم وعبيدكم واماؤكم واللاوي الذي في ابوابكم لانه ليس له قسم ولا نصيب معكم.
الفرح شركة بين الجميع حتى مع العبيد واللاويين الذين ليس لهم نصيب.
آيات 14،13:- احترز من ان تصعد محرقاتك في كل مكان تراه. بل في المكان الذي يختاره الرب في أحد اسباطك هناك تصعد محرقاتك وهناك تعمل كل ما انا اوصيك به.
تكرار للتشديد
آية16،15:- و لكن من كل ما تشتهي نفسك تذبح وتاكل لحما في جميع ابوابك حسب بركة الرب الهك التي اعطاك النجس والطاهر ياكلانه كالظبي والايل.و اما الدم فلا تاكله على الأرض تسفكه كالماء.
الكلام هنا عن الذبائح للأكل وليس للعبادة. وكانوا في البرية نادرًا ما يذبحون للأكل. وهذه الوصية لأنهم داخلون الآن إلى أرض الميعاد حيث سيذبحون ليأكلوا. النجس والطاهر يأكلانه = قد يقصد بالنجس الحيوانات الممنوع تقديمها كذبيحة على المذبح كالظبى والأيل ولكن يسمح بأكلها وقد يقصد بالطاهر الحيوانات التي تقدم ذبائح على المذبح مثل الأبقار والأغنام. أو يكون المقصود بالنجس من عليه حكم نجاسة شرعية مثل ذو السيل فنجاسته لا تمنعه من الأكل العادى.
آية17-19:- لا يحل لك ان تاكل في ابوابك عشر حنطتك وخمرك وزيتك ولا ابكار بقرك و غنمك ولا شيئا من نذورك التي تنذر ونوافلك ورفائع يدك. بل امام الرب الهك تاكلها في المكان الذي يختاره الرب الهك انت وابنك وابنتك وعبدك و امتك واللاوي الذي في ابوابك وتفرح امام الرب الهك بكل ما امتدت إليه يدك. احترز من ان تترك اللاوي كل ايامك على ارضك.
يبدو من هذه الآية وما بعد ذلك أن هناك عشرين يخصصان لله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). العشر الأول هو ما يقدم إلى اللاويين وهناك عُشر ثانى وهو المقصود هنا وهذا يتم إخراجه ويستخدم في إكرام الفقراء واللاويين وفي إقامة مآدب فرح تشترك فيها العائلة مع المحتاجين. إذًا هو نوع من الكرم وفرح مع الرب وإخوة الرب.
وهنا كان من المفروض أن يفرح بهذه الولائم في هيكل الرب كما يتضح في آية(18)
آية20:- اذا وسع الرب الهك تخومك كما كلمك وقلت اكل لحما لان نفسك تشتهي ان تاكل لحما فمن كل ما تشتهي نفسك تاكل لحما. وسّع تخومك = أي دخلت أرض الميعاد حسب ما وعدك الرب.
آية21:- اذا كان المكان الذي يختاره الرب الهك ليضع اسمه فيه بعيدا عنك فاذبح من بقرك وغنمك التي اعطاك الرب كما اوصيتك وكل في ابوابك من كل ما اشتهت نفسك.
مرة أخرى يكلمهم عن الذبائح التي يأكلونها فبعد الدخول للأرض يذبحون في أي مكان ولا داعى للذهاب للهيكل لبُعد المسافة.
آية22:- كما يؤكل الظبي والايل هكذا تاكله النجس والطاهر ياكلانه سواء.
إذا كانت الذبائح للأكل فلا تتقيد برش دمها على المذبح أو حوله بل ما ينطبق على الحيوانات النجسة بالنسبة للمذبح (الظبى والأيل) ينطبق على كل ما يُذبح للأكل.
الآيات 23-25:- لكن احترز ان لا تاكل الدم لان الدم هو النفس فلا تاكل النفس مع اللحم.لا تاكله على الأرض تسفكه كالماء.لا تاكله لكي يكون لك ولأولادك من بعدك خير اذا عملت الحق في عيني الرب.
الدم هو النفس, والنفس هي لله فيجب أن يُسفك الدم ولا يُشرب ولا يشابهوا الوثنيين الذين يشربون الدم إعتقادًا بأن في هذا نوع من الشركة مع الأوثان. والدم جُعل للتكفير عن الخطايا وهو يرمز لدم المسيح الذي سيكفر عن خطايا البشر. الله منع عن البشر الشركة في دم الحيوانات أي حياتها لأنه كان يريد للبشر أن يشتركوا في حياة ابنه لذلك من يتناول جسد ودم المسيح يحيا (يو54،53:6). بالإضافة للنواحى الصحية حتى لا تأتيهم الأمراض بسبب الدم.
آية26:- و اما اقداسك التي لك ونذورك فتحملها وتذهب إلى المكان الذي يختاره الرب.
بالنسبة للذبائح (محرقات وخطية وسلامة) وبالنسبة للنذور هذه لابد أن تكون فى الهيكل. آية27:- فتعمل محرقاتك اللحم والدم على مذبح الرب الهك واما ذبائحك فيسفك دمها على مذبح الرب الهك واللحم تاكله. فتعمل محرقاتك = ذبيحة المحرقة. وأما ذبائحك... واللحم تأكله = ذبيحة السلامة
آية28:- احفظ واسمع جميع هذه الكلمات التي انا اوصيك بها لكي يكون لك ولأولادك من بعدك خير إلى الابد اذا عملت الصالح والحق في عيني الرب الهك.
موسى هنا كمعلم يُكرر الدرس على تلاميذه حتى يحفظوه.
الآيات 29-32:- متى قرض الرب الهك من امامك الامم الذين انت ذاهب اليهم لترثهم وورثتهم و سكنت ارضهم. فاحترز من ان تصاد وراءهم من بعد ما بادوا من امامك ومن ان تسال عن الهتهم قائلا كيف عبد هؤلاء الامم الهتهم فانا أيضًا افعل هكذا. لا تعمل هكذا للرب الهك لانهم قد عملوا لالهتهم كل رجس لدى الرب مما يكرهه اذ احرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار لالهتهم. كل الكلام الذي اوصيكم به احرصوا لتعملوه لا تزد عليه ولا تنقص منه
حتى يُبعدهم تمامًا عن العبادة الوثنية يُحذرهم حتى عن السؤال عن هذه الآلهة = أحترز من أن تسأل عن آلهتهم.