قراءة بحياد فى نشيد الأنشاد

[tito227]

قراءة بحياد فى نشيد الأنشاد



الخميس 08 مايو 2014
القس بولس بشاى كاهن بكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل باسيوط
ما رأيك عزيزى أن عبرت بإنسانة بسيطة لا تطلب من امر الدنيا شيئا الا اللقمة والهدمة تجلس جوار سلة تبيع بعض منتجات الريف وفى حضنها صغيرها ترضعه ثديها وقد اجبرتها الحاجة وضيق العيش ان تمارس انبل عواطف الحب عاطفة الامومة وهى مطحونة تجرى على لقمة عيش شريفة .



كيف تكون نظرتك لها فى هذا المشهد ؟............ لن تخرج عن اثنين:
- الاولى نظرة إعلاء وتقدير لاسمى معانى الحب حب الام لفلذة كبدها ولا شك ان مشاعرك نحوها سيخالطها شىء من العطف والرثاء لفقرها وقَدرها.
- اما النظرة الاخرى فلا تراها إلا جسداً مجرداً يثير الغرائز , واعتقد أنك بهذه النظرة لن تستطيع أن تحترم نفسك لما فيها من دناءة وتشويه لاعظم مشاعر عرفتها البشرية بل والخليقة كلها مشاعر الامومة.
إذن
الجسد بكل عضو فيه ليس فيه خطيه أو جرم فى حد ذاته إنما الخطأ فى النظرة اليه بانحراف فمن اراد ان يتعامل بشهوة مع أنقى اعضاء الانسان صفاءً كالعينين مثلاً فعل,ومن تسامت نظراته بانسانية نقيه راقيه سما
اسمعوا الشاعر الكبير معروف الرصافى كيف ينظر الى صدر الفتاة بطهارة وسمو فيقول عنه:
يا صدرَ الفتاة رحبت صدراً فأنت مقرُ أسمى العاطفات
نراك اذا ضممت الطفلَ لوحةَ تفوق جميعَ لوحاتِ الحياه
ان سفر النشيد لوحةٌ رائعة تعود بالنفس لسابق نقاوتها يوم ان كان أبوانا الاولان آدم وحواء عريانين ولا يعلمان معنى العرى الذى عرفاه بعد الخطيه. ان هذا السفر الروحى الغاية فى العمق يرى فى جمال الجسد المخلوق بيدى الله آية رائعة لا يمكن ان يكون فيها قبحٌ أوعيبٌ أو شيئٌ يخجل إلا الخطية أما الجسد فى حد ذاته فهو غالى على قلب خالقه , لذا يدور السفر كله حول نظرة الله (العريس) إلى كل انسان منا (العروس) عروسه التى خلقها بيديه وهو ينادينا فى سفر النشيد "ها انت جميلة يا حبيبتى ها انت جميلة" (نش 15:1) "كلك جميل يا حبيبتى ليس فيك عيبةٌ "(نش7:4) هذا معناه ان الله يكلم كل خاطى حتى بالخطايا الجسدية كالمرأة الممسوكة فى ذات الفعل فيقول لها انا اعلم ايتها النفس انه مهما حاولتى أن تغطى ذاتك باوراق التين سيظل شعور الخطية الدفين يلازمك لن يغطيك ويسترك إلا حبى وكل عضو فيك من اعلى رأسك لاسفل قدمك أراه أنا من خلال محبتى وفدائى مطهراً وفى جماله الاول الذى خلقته عليه عندما كان ادم وحواء فى الجنة "ورأى الله كل ما عمل فإذ هو حسنٌ جداً"(تك 1: 31).
ويظل العريس طوال سفر النشيد يفيض عليها بالحب فى حوار طويل يتعرض فيه لمواطن الضعف فى حياتها فيسترها بحبه ويسمو بها إلى رتبتها الاولى ، ثم يصف كل جزء من جسم العروس والذى من كثرة الاثم ينظر إليه و كأنه شر. و يؤكد لها بان الجسد لن يكون بعد رمزاً للخزى والخطية انما تذكار لمحبته التى يراها من خلالها فيقول لها ككيان مقدس روحاً وجسداً "ها انت جميلة يا حبيبتى ها انت جميلة" وهى ترد ها انت جميل يا حبيبى وحلو (نش 16,15:1) لا تخجلى ايتها النفس التى تدنست بالخطية فظهرت عارية وعريانة " فمررت بك ورأيتك، وإذا زمنك زمن الحب. فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك" (حز 8:16) كل جزء منكِ غالى ومكرم حتى ما شوهته الخطية وداست كرامته يعود لجماله الذى خلقتك عليه فيقول لعروسه "بطنك صبرة حنطة(كومة قمح)" (نش 2:7) اى تعيشى فى شبع لا يعرف جوعاً لملذات الدنيا الباطلة , ويؤكد لها نفس المعنى قائلا "سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج " (نش 2:7) السرة هى مصدر غذاء الجنين وسر حياته والخمر تشير الى الفرح اى ان حياتك لن تعود سعادتها متوقفة على افراح العالم الفانية لكنها مضمونة فى اتصالك الدائم بالله مصدر حياتك كإتصال الجنين بأمه فمع الله لا يعتريك حزن ولا يعوزك شراب ممزوج.

واترك لك عزيزى القارئ ان تقرأ السفر تفصيلاً وشرحاً من كتب الاباء والشراح والمفسرين
واضعاً فى الاعتبار ان التفسير الرمزى ليس مجرد اقتراح أبائى و لكن سياق الكتاب المقدس كله يدور فى نفس المفهوم بل إن سليمان الحكيم نفسه كاتب سفر النشيد يؤكد فى سفر الامثال نفس المفهوم حينما يقول على سبيل المثال "النفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو" (ام 27 :7).

ومع كل كلمة من كلمات السفرتعانق الحبيب, ومالى سواه حبيب الصق من الاخ بل هو سر حياتى الذي به احيا واتحرك واوجد يسوع المسيح ربى ومخلصى وإلهى "حلقه حلاوة وكله مشتهيات هذا حبيبى وهذا خليلى يا بنات اورشليم" (نش16:5).

[emy gogo]

موضوع جميل
ربنا يبارك خدمتك يا تيتو