
14 - 12 - 2025, 10:32 AM
|
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
((أَأَنتَ الآتي، أَم آخَرَ نَنتَظِر؟))
تُشِيرُ عِبَارَةُ "أَأَنْتَ الآْتِي، أَمْ آخَرَ نَنْتَظِرُ؟" إِلَى التَّوَتُّرِ الرُّوحِيِّ العَمِيقِ الَّذِي يَعيشُهُ يُوحَنَّا المَعمَدَانُ فِي سِجْنِهِ؛ لَا كَـشَكٍّ يَنْقُضُ إِيمَانَهُ، بَلْ كَصَرْخَةِ قَلْبٍ يَتَلَهَّفُ لِذُرْوَةِ الوَعْدِ. فَصَوْتُهُ فِي السِّجْنِ هُوَ صَوْتُ المُنْتَظِرِ الَّذِي يَرْغَبُ فِي رُؤيةِ اكْتِمالِ النُّبُوءَةِ الَّتِي حَمَلَهَا فِي كِراَزتِهِ، وَهِيَ نُبُوءَةُ أَشعَيا: "رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي، وَأَرْسَلَنِي لأُبَشِّرَ الفُقَراء، وَأَجْبُرَ مُنكَسِرِي القُلُوب، وَأُنَادِيَ بِإِفْرَاجٍ لِلمَسْبِيِّينَ، وَتَخْلِيَةٍ لِلمَأْسُورِينَ، لأُعْلِنَ سَنَةَ رِضًا لِلرَّبِّ، وَيَوْمَ انتِقَامٍ لإِلهِنَا، وَأُعَزِّي جَمِيعَ النَّائِحِينَ" (أشعيا 61: 1–2). وعِنْدَ إِرسَالِ يُوحَنَّا تَلَامِيذَهُ لِيَسْأَلُوا يَسُوعَ، يُحِيلُهُمُ الرَّبُّ إِلَى أَعْمَالِ الرَّحْمَةِ المُحَقَّقَة: "العُمْيُ يُبْصِرُونَ، العُرْجُ يَمْشُونَ، البُرْصُ يُطَهَّرُونَ، الصُّمُّ يَسْمَعُونَ، المَوْتَى يَقُومُونَ، والمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ" (لوقا 7: 22). يُبْرِزُ يَسُوعُ هنا نِصْفَ النُّبُوءَة الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالرِّفْقَةِ الخَلَاصِيَّةِ، وَيَتَجَاهَلُ عَمْدًا الجُزْءَ الآخَرَ الَّذِي يَتَحَدَّثُ عَن "يَوْمِ انتِقَامٍ لإِلَهِنَا". صَرْخَةٌ يوحنا هي صرخة وُجُودِيَّةٌ تَنْبَعُ مِنَ الرَّغْبَةِ فِي لِقَاءٍ وَجْهِـيٍّ مَعَ المَسِيحِ الحَمل والدَّيان، وَمِنْ تَوْقٍ لِانْتِقَالِ النُّبُوَّةِ إِلَى الحَقِيقَةِ المُتَجَسِّدَةِ. فَالسُّؤَالُ لَيْسَ بَحْثًا عَنْ مَعْرِفَةٍ نَاقِصَةٍ، قَدْرَ مَا هُوَ جِسْرُ عُبُورٍ مِنْ نُورِ النُّبُوَّةِ إِلَى نُورِ الإِنْجِيلِ؛ مِنَ الكَلِمَةِ المُرْتَقَبَةِ إِلَى الكَلِمَةِ المُتَجَسِّدَةِ. وَهَكَذَا، يُصْبِحُ سُؤَالُ يُوحَنَّا نُقْطَةَ انْعِطَافٍ فِي تَارِيخِ الإِيمَانِ: مِنَ التَّوْقِ إِلَى التَّحْقِيقِ، وَمِنْ انْتِظَارِ النَّبِيِّ إِلَى اللِّقَاءِ بِالمَسِيَّا المنتظر، وَمِنَ التَّعَلُّقِ بِالمُعَلِّمِ الأَرْضِيِّ إِلَى تَبَعِيَّةِ المَسِيحِ الحَيِّ. وهي أيضا صَرخَةَ إِرسَالٍ؛ يُحَرِّرُ يُوحَنَّا بِها تَلَامِيذَهُ مِن تَعَلُّقِهِم بِهِ، لِيُدخِلَهُم فِي عَلاقَةٍ شَخصِيَّةٍ مَعَ المَسيحِ، لِأَنَّ المَسيحَ يُعرَفُ بِالأَعمالِ لا بِالكَلام.
|