منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 09 - 2025, 02:01 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,367,753

بداية عام قبطي جديد 1942

H.H. Pope Tawadros II



“كنيستنا مثل الجبل وهي كنيسة معلمة كنيسة الشهداء التي حفظت إيمانها”
بسم الآب والابن والروح القدس الاله الواحد آمين

تحل علينا بركته ونعمته من الآن وإلى الأبد آمين.

كل سنة وحضراتكم طيبين بمناسبة السنة الجديدة وعيد النيروز الذي احتفلنا بيه يوم الخميس الماضي، وبداية عام قبطي جديد 1942 .

وايضاً اليوم هو الموافق 7توت وهو تذكار القديسة رفقة وأولادها الشهداء. وبالطبع هي قديسة مصرية واسمها مشهور هي واولادها الشهداء وحياتهم تعبير عن الحياة القوية التي عاش فيها أبائنا الشهداء والذين يجعلونا نحتفل بعيد استشهادم بصفة عامة.

أريد أن ابدأ بنعمة المسيح سلسلة جديدة في موضوعات معينة وهي “الإصحاحات المتخصصة”.

الكتاب المقدس كتاب ممتلئ تعليم ومعرفة.. تاريخ تربية جغرافية.. أشياء كثيرة.. وهو بالأساس كتاب للخلاص، خلاص الإنسان. ومن الممكن أن نقول على كل الكتاب انه قصة أي “قصة الخلاص”.

لكن من الأشياء التي تستوقف الإنسان في دراسة الكتاب المقدس أنه توجد بعض الإصحاحات او أجزاء من بعض الإصحاحات هي متخصصة تتكلم في موضوع واحد.

على سبيل المثال من الاصحاحات الشهيرة الإصحاح الذي يتكلم عن المحبة (كور1 اصحاح 13). في عبراينين 11 يتكلم عن الإيمان… في يوحنا 10 يتلكم عن الراعي الصالح .. أيضًا مزمور 23 يتكلم عن رعاية الله… متى 18 يتكلم عن الطفولة… وهكذا تفاصيل كثيرة…

أحببت أن اختار مجموعة من هذه الاصحاحات وتكون منها درس كتاب ومنها تعمق في موضوع واحد يتكلم عنه الكتاب والاصحاح الذي نقوم بدراسته ندرسه اكثر من زاوية.

ومن الاصحاحات التي احب ان ابدء بها معكم هو اصحاح المحبة وهو اصحاح دسم سنتلكم فيه على مدار اسبوعين اذا اراد ربنا وعشنا. وهو اصحاح كورنثوس الأولى اصحاح13.

1 إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ.

2 وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا.

3 وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا.

4 الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ،

5 وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ،

6 وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ،

7 وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

8 اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ، وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ.

9 لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ.

10 وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ.

11 لَمَّا كُنْتُ طِفْلًا كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلًا أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ.

12 فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ.

13 أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ.

القديس بولس الرسول التي كانت نصف حياته الأولى بعيدة عن المسيح وحين ظهر له السيد المسيح في طريق دمشق تغير وتحول، وحين عرف المسيح امتلاء حبًا حتى صار “سفيرًا في سلاسل”.

وحين كان يُرسل الى مدينة كورنثوس (وهي مدينة كمدينة الاسكندرية لدينا) فهي مدينة ساحلية وبها نوعيات من البشر كثيرة وحركة تجارية عالية. ولكن حينا جاء لتكلم عن المواهب وعن التدبير الكنسي اختار ان يخصص هذ الجزء من الاصحاح المكون من 13 اية، سجله بوضوح شديد وصار انشودة عن المحبة.

قبل ان ندخل في تفاصيل الموضوع يجب أن نعرف أن الكتاب المقدس لا يوجد فيه البلاغات أو الكنايات أو الأساليب اللغوية الأخرى. الكتاب المقدس يقدم حقائق.

وعلى هذا الأساس حين نرى بولس الرسول وهو يكتب بوحي عن ابعاد شكل المحبة نرى انه كان يكتبه بمشاعر قلبه ويكتبه بشعوره الإيماني وحياته التي تلامست مع السيد المسيح.

ونحن نعرف ان بولس الرسول كان دارسًا في العهد القديم وتعلم عن قدمي غمالائيل، فهو شخص ثقيل في المعرفة.

فكونه يخصص هذا الجزء وضع أمامنا صورة المحبة المتجسدة بهذا الجمال وبهذا الوصف، اعتقد انه لا يوجد احد اخر سواء قبله او بعده قد كتب عن المحبة بهذه الصورة.

قال أحد الحكماء عبارة مهمة “أفضل علاج للإنسان هو الحب” فقالوا له: وإذا لم يفلح هذا العلاج؟ فرد هذا الحكيم: ذد من الجرعة. (أي جرعة الحب)”.

فالبداية يجب ان نعرف ان قلب الإنسان ككيان قد خلقه الله مفتاحه هو المحبة (الحب).

المحبة هي أولًا وأخيرًا وهي مفتاح قلب الإنسان، وحين جاء القديس بولس الرسول ليتغزل في المحبة تغزل فيها بنظام ودقة. فقال لنا مقدمة لتوضح لنا مكانة المحبة في حياة الإنسان، ثم بعد ذلك قدم لنا مجموعة من الصفات بعض منها يبدء بكلمة (لا) وجزء منها يبدأ بالحقيقة اي تقرير صورة المحبة وفي نهاية الإصحاح يضع لنا الاستنتاج الاخير الذي لدينا “الإيمان والرجاء والمحبة ولكن اعظمهن المحبة”.

ونحن نتكلم كثيراً جدًا في الكنيسة عن المحبة فالكنيسة ممسوحة بالمحبة، ولكن تكرار الكلام هنا للتذكرة أن “طريق الإنسان للسماء هو طريق المحبة”. فالمحبة تأخذ صور كثيرة كما سنرى في موضوعنا.

“كل شيئ بدون المحبة لا قيمة له” فيبدأ القديس بولس يقول لنا: “1 إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ.

2 وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا.

3 وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا.”

وهذه حقائق رئيسية في استخدام المحبة في الحياة الإنسانية، فأحيانًا الإنسان في عالم الماديات المتسع والمنتشر يستضعف المحبة، وقد يجد بالنسبة له أن المحبة ليس لها دور! فكل شئ بالزراع وكل شئ بالقوة والعقل فقط… وال Ai الذي نسأله كيف يدبر حياتنا وطريقنا!

هناك ثلاث نقاط رئيسية تظهر عظمة المحبة:

أن الكلام بلا محبة هو ضوضاء:


فهو ليس حقيقة “1 إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنّ”ُ. (كو1-13: 1). مثل الطبول الكبيرة التي حين نخبط عليها تصدر صوت هواء، قد يتلكم الإنسان بفصاحة وبلاغة وبألسنة لغات، ولكن لو غابت المحبة عن صوته صار مثل النحاس الذي يطن وصار ضوضاء بلا حياة … صخب…

مثل الفريسي… في قصة الفريسي والعشار في الكتاب المقدس الإثنين دخلوا الهيكل كي يصلوا والفريسي أكثر من الكلام في الصلاة ولكن كل كلمات صلاته كانت بلا محبة. بينما العشار قال جملة واحدة “اللهم ارحمني أنا الخاطي” كانوا كلمتين صغيرتان لكنه خرج مبررًا. لكن كانوا كلمتين ممتلئين بالمحبة.

وهذا هو الفرق والمعيار الذي يوزن به كلام الإنسان، هل كلامه به محبة؟… وماذا نقصد هنا بالمحبة؟ نقصد هل كلامك فيه روح؟

2″ وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا. (كور1- 13: 2)”. هنا يتحدث بولس الرسول عن شخص يتنبأ بالمستقبل أمامه ولديه معرفة واسعة جدًا، وبمعرفته ودراسته او علمه يتكلم كثيرًا ويظهر نفسه جيدًأ… ولكن بلا محبة … لذلك ولكن ليس لي محبة فلست شيئًا…

المعرفة بدون المحبة هي شكل من أشكال الكبرياء، والإيمان بدون محبة يعد شيئًا جافًا. وأكثر مثال يوضح لنا تلك النقطة هو الشيطان، فالشيطان لديه معرفه (ويعرف ان الله موجود) ولكن ما عنده من معرفة هوبلا محبة ولذلك هو عدو الخير.

اذًا الكلام بلا محبة هو ضوضاء، الإيمان بلا محبة هو فراغ. والخدمة او العطاء بلا محبة هي باطلة.

3″ وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا.” (1كو13: 3). هنا يقول ان اطعمت كل أموالي وليس فقط العشور، وسلمت جسدي اي يبذهل مجهود كبير في الخدمة ولكن ليس لي محبة فلست انتفع شيئًا.

والحقييقة ان هذه الحقائق هي مهمة جدً، لأن لو كان العطاء أو الخدمة بدافع المجد الباطل اوبدافع الظهور او بدافع الشهرة والشعبية فكل هذا باطل… وهذه الحقائق لنا جميعًأ في خدمتنا وكنيستنا، يجب ان ننتبه لها جيمعًا بشدة.

حتى التضحية القصوى التي ذكرت في الآية السابقة “حتى يحترق جسدي” بلا محبة فلا تنفع صاحبها. الاعتدال جيد ومهم.

من اجل ذلك هناك مثال يصور لنا هذا الجزء هو مثال قصة (حنانيا وسفيرا) فهم احبوا ان يقدموا عطية لكن كانت بدافع ان يظهروا للناس يقدمون مع الرسل لكن لم يكن لهما محبة. ولم يكن هناك محبة صادقة وكانت النتيجة انهم سقطوا تحت الإدانة أي الدينونة.

أي عمل بأي صورة في نظر الله بدون محبة هوبلا ثمر وبلا قيمة.

وهذا هو معيار مهم جدًا لكل خادم وكل خادمة، وكل من يعمل في حقل الكنيسة. وأيضًا في حقل المجتمع المتواجد فيه، فهو يخدم الجميع وليس فقط من يعرفهم.

وعلى هذا الاساس بعد وضعه الثلاث مبادئ الأساسية للمحبة الحقيقية. ونحن في بداية السنة من المهم ان كل احد منا يراجع محبته… وما شكلها؟… وكثير من الأباء قد تحدثوا عن انه عندما يقف الإنسان أمام الله ويفتح قلبه فإن الله سيقيس هذه المحبة ما عمقها ومدى شكلها وصدقها.

وهي المحبة خالصة وليست المحبة ظاهرة او المحبة الشكلية او الدبلوماسية، إنما المحبة الحقيقية. الحب الحقيقي الذي قدمه المسيح على الأرض ويدعونا أن نقتدي به.

اذًا المحبة هي جوهر كل فضيلة وبدونا تصبح الحياة فارغة.

وأحيانًا نقابل اناس في حق الخدمة ونجد أناس قصاة. كشخص يصنع كل شئ ضد المحبة ولا تظهر المحبة منه في الخدمة، وقد يسحب من فمه معسول الكلام لكن هو في الحقيقة لا يحمل في قلبه محبة حقيقية. والتعبير القوي في هذه النقطة هو ما قاله معلمنا بولس الرسول: “صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ”. (1كو13: 1).فهو صوت لكن بلا فاعلية.

فقد تسمع الطبول بلا فائدة في حين انك لو سمعت نغم حلو من الممكن ان يكون لطيف على أذنك وعلى سمعك.

يبدأ القديس بولس الرسول يشرح صورة جوانب المحبة، فحضراتكم تعرفون شكل الماس ان له جوانب كثيرة من اسفل تعكس الضوء وتكون لامعة فهكذا المحبة.

ومن التقاليد الجميلة الموجودة في بعض كنائس العالم مثل الكنيسة الأرمنية ، تقليد (الرومانة) فهم يضعون طعام (الرومان) في كل الأوقات على جميع الأطعمة. وهدية الرومانة هي هدية كبيرة بالنسبة لهم. ويعتبرون (الرومانة) هي رمز المحبة. فهي ممتلئة من الفصوص الحمراء وهي علامة فداء الإنسان بدم المسيح، ايضًا وجود الراقة البيضاء ما بين تجمعات الفصوص التي تتحد بها وهي تعبير عن القلب الأبيض النقي والتقي. ثم الغلاف الخارجي وهو غلاف خشن وهو يعبر عن “كل مجد ابنة الملك هو من الداخل”، مثل خيمة الإجتماع كانت مغطاة من الخارج بجلود لكن من داخلها يوجد المجد.

والقديس بولس الرسول يشرح لنا هنا ماذا ُيحدث نقص المحبة؟ فلو نقصت المحبة لدى الإنسان تتولد الكراهية او البغضة قد يقع الإنسان في خطية الشماتة او يفرح بالإثم بسقوط اخر! برغم ان الكتاب قال: “لاَ تَفْرَحْ بِسُقُوطِ عَدُوِّكَ، وَلاَ يَبْتَهِجْ قَلْبُكَ إِذَا عَثَرَ،” (أم 24: 17).

نقص المحبة لدى الإنسان تؤتي بالغضب، لأن المحبة تستطيع أن تحتمل.

نقص المحبة يتطول من الشتيمة للضرب للقتل للتشهير لإشاعة المزمة، بل ونقص المحبة يضيف على الإنسان الحسد. فنحن نصلي في صلاة الشكر أن يحفظنا الله من كل حسد ومن كل تجربة ومن كل فعل الشيطان ومؤامرات الناس الأشرار وقيام الأعداد الخافيين والظاهرين. وهؤلاء الخمسة أشياء هي علامات ومظاهر نقص المحبة لدى الإنسان.

بل هناك الأصعب وهو نقص محبة الإنسان تجاه الله، فيقع الإنسان في خطية الإهمال، إهمال الصلاة وإهمال الإنجيل… القراءة… الكنيسة… الأسرار… الأصوام… حتى إهمال الشعور بالحضرة الإلهية… فالكتاب المقدس يقول: “أَمَّا أَنَا فَبِكَثْرَةِ رَحْمَتِكَ أَدْخُلُ بَيْتَكَ. أَسْجُدُ فِي هَيْكَلِ قُدْسِكَ بِخَوْفِكَ.” (مز 5: 7). وهذا هو الشعور الحقيقي بالحضرة الإلهية.

فهناك خطية تسمى خطية الإستهانة، وقد يكون الإنسان لديه خطية محبة تجاه الله وبالتالي خطية محبة تجاه السماء، اي عالم الفرح بالسماء كمثل الفلسفة اليونانية القديمة التي تقول (لنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت)… فيظل الفكر في الأرض وتنتهي قصة الإنسان بهذه الصورة.

أيضًا نقص محبتي لله تجعل الإنسان يقع في محبة العالم والكتاب يقررها “أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا للهِ.” (يع 4: 4). وتأتي الكنيسة كأم لنا تذكرنا وتقول لنا “لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم لأن العالم يمضي وشهوته تزول”.

تعالى لنرى كيف جمع القديس بولس الرسول هذه النقاط ووضعها بشكل جميل، فقال لنا ان المحبة ضد الغيرة والتفاخر وهذا علاج كيف؟ “4 الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ،” (1كو13: 4). الحسد والتفاخر والانتفاخ…

القديس يوحنا ذهبي الفم له عبارة “الحاسد عدو لنفسه قبل ان يكون عدوًا لأخر”. والقديس اغسطينوس يقول أيضًا “كلما تفاخرت بنفسك خسرت نعمة الله” وهذه عبارة شديدة جدًا. من أجل هذا المحبة هي الدواء الناجح ضد الغيرة والتفاخر. “المحبة لا تحسد” لأن الحسد يولد نوع من المرارة فتجعل الإنسان يشتغل من الداخل ويأكل في نفسه، والحسد يجعل الإنسان يفقد سلامه الداخلي. وأقرب صورة لهذا الكلام هي صورة (قايين وهابيل) في بداية الخليقة. فحين أن المحبة تفرح لنجاح الآخرين فالمحبة “فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ.” (رو 12: 15).

المحبة أيضًا لا تتفاخر، وكل هذه المفاهيم لا نجدها في العالم فهي صورة المحبة المسيحية الحقيقية وكما ذكرنا من قبل قصة الفريسي والعشار فالفريسي دخل الهيكل وهو يتفاخر بنفسه وبما يصنعه بل يشوه عمل الآخرين وبيقارن نفسه انه لا يوجد إنسان مثله، فكان يتفاخر بصومه وصلاته وعشوره فقط. فكيف نسمي هذه صلاة؟!

المحبة أيضًا لا تنتفخ أي الكبرياء الداخلي، وهو كبرياء الإنسان الذي يرى ذاته وذاته تكبر في عنيه فاذا كبرة ذاتك في عنين نفسك إذن فأنت سقطت في خطية الكبرياء… وان قلت ذاتك عن وضعتك فهذا صغر النفس اذ ان الإنسان هنا ساقط في صغر النفس. “وَلكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذلِكَ يَقُولُ: «يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً».” (يع 4: 6).

المحبة تبني لكن الكبرياء يهدم الكثير من العلاقات، وكثير من المشكلات الأسرية التي نراها يدخل فيها هذه النقطة نقطة الكبرياء. فقد يرى احدى الشريكين انه اعظم من شريك حياته، وبالتالي بيحصل عدم اندماج وعدم توافق وتكون النتيجة خلافات شديدة حادة.

أيضاً المحبة كما يشرحها لنا معلمنا بولس الرسول هي ضد الإنانية وضد سوء التعامل. يقول لنا “المحبة لا تقبح” لا تشوه الآخر ولا تظهر ضعف الآخر، و“المحبة لا تطلب ما لنفسها” فإساءة الآخر بأي صورة هو شكل من اشكال الأنانية لأن الإنسان هكذا يرى نفسه افضل من الآخر أو على الاصح يطلب مصحلته قبل مصلحة الآخر. وهي احد ضعفات المجتمعات، لأن كلمة مجتمع تعني ان اناس يعيشون مع بعضهم وبالتالي تحتاج إلى بعضها وتحترم ايضاً بعضها وهذا سواء كان المجتمع صغير او كان مجتمع كبير. لكن اذا لم تكن تلك الصفات موجودة تكون النتيجة ان الإنسان يصبح انانيًا كما لو كان يعيش بمفرده ولا يكلم احد… ولكن اذا كان هذا مجتمع اذًأ لابد ان يكون الصالح العام اولاً، لأن الصالح العام يفيد كل فرد في هذا المجتمع.

يقول القديس يوحنا ذهبي الفم “المحب لا يطلب منفعة نفسه بل خلاص قريبه” وهذا القديس (يوحنا ذهبي الفم) مشهور بعبارة جميلة “هواية خلاص النفوس” هواية كيفية مساعدة الآخرعلى خلاص نفسه.

“المحبة لا تقبح” تعني تحترم اللفظ وان يكون هناك لياقة في الكلام، فالسيد المسيح حينما ذهب ليعتمد من يوحنا المعمدان قال له “اسمح الآن”، “فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ.” (مت 3: 15). هنا ننتبه الى العبارات الرقيقة والعذوبة في الكلمة.

المحبة تحفظ الكرامة وتستر العيوب، والمحبة تستر كثرة من الخطايا. لأجل ذلك في تاريخ كنيستنا وفي رهبنتنا وأديرتنا مجدوا الصمت أي السكون وتقليل الإنسان لكلامه جدًا، لأن من الممكن مع كثرة الكلام أن يغلط الإنسان. فإعتبروا ان حياة البرية والحياة النسكية أحد فضائلها الصمت والتكلم بمقدار.

أحد القديسين الذين قابلهم القديس يوحنا كاسيان في البرية وهو القديس يوسف حين سأله وقال له: أيهما أفضل الكلام أم الصمت؟ فرد بإجابة من خزينة البرية: “إن كان الكلام من أجل الله فهو جيد وإن كان الكلام من أجل الله فهو جيد” ستتكلم او لا تتكلم ليست هي القضية انما القضية هي ما هدف هذا الكلام؟.

المحبة تستر كثرة من الخطايا، والمحبة لا تطلب شئ لنفسها. وهناك قصص كثيرة ان الإنسان لا يطلب لذاته مراكز بل يحاول ان يساند الآخر ويساعده.

اذكر حين كنت في بداية خدمة مدارس الأحد كنا نحتفل بعيد ميلاد المخدومين ونحضر كيكة ونقوم بالتوزيع على الأطفال، فأتذكر وانا اخدم سن الرابعة الابتدائي فاحضرت كيكة صغيرة وقمت بتقطيعها كما علمونا في الخدمة وقمت بتوزيعها على الأطفال وكانوا فرحين. وكان هناك طفل جالس اسمه مينا لم يرد أن يأكل مثل باقي الأولاد فقلت له: تفضل كل يا مينا مثلنا جميعًا كان شيئًا طفوليًا جدًا. فقال لي: اعتذر لن أئكل لكن حين اعود إلى البيت سأكلها أنا وأخي.

من علمهم هنا هذا الأمر؟ من الضروري البيت علملهم أن المحبة لا تطلب ما لنفسها في حين انه (مينا) لو كان أكل لم يوجد أي خطأ عليه بالمرة.

ومن الأشياء المؤلمة التي أراها حين يتشاجر الاخوات على الميراث، شئ مؤلم فماذا ورثت هذه الأسرة لأولادها؟! ورثت لأولادها الخلافات والوقوف في المحاكم أمام بعضهم البعض! وعلى ماذا؟!

“لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.” (يو 15: 13). الخلاصة ان المحبة تضد الأنانية والمحبة لا تقبح والمحبة لا تطلب ما لنفسها.

اخر نقطة أن المحبة ضد الإنفعال الشرير والشماتة، نقول هكذا “المحبة لا تحتد لا تظن السوء ولا تفرح بالاثم” الغضب وسوء الظن والشماتة علامة من علامات اللا إنسانية. وتعني ان هذا قلب ليس فيه اي شكل من أشكال المحبة على الإطلاق.

القديس اسطفانوس وهم يرجمونه كان يصلي من أجل راجميه “ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ.” (أع 7: 60). كانوا يرجمونه وكان يصلي من اجلهم. فما هذه النفس؟! لأن قلبه كان ممتلئ بالمحبة حتى لمن يرجمه.

يقول القديس مكاريوس “القلب المملوء محبة لا يعرف أن يغضب ولا أن يشمت”. مثل السيد المسيح الذي اعطانا مثال للمحبة “فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ». وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا.” (لو 23: 34).

“المحبة لا تحتد” يجب على الإنسان أن يكون هادئًأ، فيجب على الإنسان أن يتعلم أن يكون هادئًا ويقابل الأمور بهذا الهدوء المناسب. فالإنسان سريع الغضب يعني ان قلبه خالي من السلام.

يقول القديس يعقوب السروجي “المحبة تطفئ لهيب الغضب كما تطفئ المياه لهيب النار” وبالفعل النار لا تطفئ النار ولكن المياه هي التي تطفئ النار، والمياه هنا تعبر عن الحياة الهادئة.

“المحبة أيضًا لا تظن السوء” وظن السوء في الآخر هو أحد مظاهر الضعف البشري، ويسمونها في علوم السياسة (نظرية المؤامرة) وقد لا يوجد مؤامرة من الأساس!. فالمحبة لا تفترض الشر في الآخر فكل إنسان له جانب إيجابي وقد يكون هذا الجانب بنسبة كبيرة او بنسبة قليلة وعليك ان تتعامل مع الآخر في حدود هذا الجانب الإيجابي. واذا كان لدى الشخص الآخر ضعفات ابتعد عنها او تجنبها ولا تتلامس معها. فلا تفترض الشر في الآخرين ولا تسيئ فهم افعالهم.

المحبة تعطي العذر وتلتمس حسن النية، ولكن لكي اكون دقيق في كلامة في المحبة تحتاج معها “حكمة التصرف” ان يكون الإنسان حكيمًا.

القديس يوسف الصديق لم يظن السوء في اخوته الذين باعوه عبدًا، بل قال لهم العبارة الشهيرة “أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ، لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيرًا.” (تك 50: 20). والله هو من دبر له اموره والله هو الفاهم الحياة وتصرفات البشر.

القديس يوحنا كسيان “المحبة البسيطة ترى في كل إنسان صورة الله فلا تسئ الظن به” فكل إنسان اتعامل معه هو خليقة يد الله ولذلك لا تظن السوء.

“المبحة لا تفرح بالاثم” أي الخطية، فلا تشمت في سقوط أحد أو مرضه أو تقول (هذا ذنبه) أو (ذنب فلان) فمثل هذه الأمور الله لا يتعامل بها الله. فالمحبة تفرح بالبر والحق وبتوبة الإنسان. هذا هو الفرح الحقيقي.

السامري الصالح لم يفرح بسقوط عدوه الذي وجده مجروحًا على الطريق، بل تحركت احشاءه نحوه وذهب وخدمه وهذه هي المحبة.

فالمحبة لا تفرح بالإثم، بل تفرح بالحق. فالمحب لا يفرح حين يرى عدوًا يسقط، لأن المحبة لا ترى عدوًا من الأساس (يوحنا ذهبي الفم). فليس عدو الا الشيطان.

ديوستوفسكي وهو احد الكتاب الفلاسفة بروسيا قال عبارة “إذا أردت أن تعيد إنسانًا للحياة ضع في طريقه إنسانًا يحبه”. ضع في طريقه انسانًا يحبه إنسانأ يؤمن به فالعقاقير وحدها لا تكفي. ولكن اهتم اذا اردت ان ترجع إنسانًا إلى الحياة وقع في خطية أو في مشكلة او بعد او ارتكب خطأ ما، ضع في طريقه إنسانًأ يحبه.

ولذلك العالم اليوم هو جائع للمحبة، ويحتاج إلى الناس التي تحب الآخرين. وكل ماذاد عدد الناس المحبة صار العالم كله في هدوء وفي سلام.هذه المحبة التي يقدمها لنا بولس الرسول وكما قال القديس يوحنا الدرجي: “عندما تتحدث عن المحبة اخلع نعليك فأنت تتحدث عن الله”.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
في بدء عام قبطي جديد، أن يراجع الإنسان شكل محبته
عيد_النيروز| عام قبطي جديد
خطف قبطي جديد بديرمواس
فى بداية عام جديد..أبدأ من جديد
بدء عام قبطى جديد-البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 06:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025