![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() «نطلب ما فوق حيث المسيح جالس»، فهو أن نطلب الوجود الدائم في حضرة الله، الذي صار لنا حقّاً أبدياً في المسيح، نطلبه الآن كطلب بدموع وإلحاح. فإذا ما أخذناه لا يعود يُنزع منا لأنه نصيبنا المحفوظ لنا في السموات، الذي لا يتدنس قط بسبب قصورنا بعد، ولا يضمحل أبداً بسبب اضمحلال كياننا الجسداني. والوجود في حضرة الله، بإحساس الاتحاد بالمسيح الذي أكمله فينا ولنا مجاناً، هو سر السعادة التي وفرها المسيح لنا في وسط أحزان العالم وبرغم كل عجز البشرية وقصورها المحزن والمؤلم. الإحساس بالوجود في حضرة الله بالمسيح كفيل أن يُعطي الإنسان سلاماً قلبياً يفوق العقل بكل اضطراباته وعجزه. ولكن هذه الحضرة ليست مسرة نلهو فيها، بل هي عينها الصلاة، الصلاة في ملء حرارتها وهدوئها ورزانتها، الصلاة الكاملة التي فيها يهدأ الجسد وترتاح النفس وتبتهج الروح بذكر الثالوث وتمجيد الآب وترديد اسم المخلص ونداء الروح القدس بتواتر ورجاء ودالة مستمدة من الصليب والدم المسفوك. وإن كان ينبغي أن نئن كثيراً في أنفسنا من أجل ثقل الجسد، وقد أصبح كالخيمة التي مزقتها الرياح المكروهة ونشتاق في أنفسنا أن نلبس فوقها الذي من السماء، ولكن هذا غير ممكن. لابد أن نخلعها أولاً حتى نستطيع أن نلبس المسيح ونوجد فيه بلا مانع، لأن الفاسد لا يمكن أن يرث عدم الفساد. لذلك سوف تظل صلواتنا ممزوجة بالدموع، وفرحتنا بالوجود في الحضرة الإلهية يشوبها أنين الحسرة من أجل عدم قدرتنا الآن على لبس السمائي. ولكن لنا ثقة أنه كما لبسنا الترابي نلبس السمائي أيضاً ولن نوجد أبداً عراة من نعمة الله، لأن الذي خلقنا هو نفسه أعاد خلقتنا وهيَّأها للتجديد المزمع أن يكون في ملء القداسة وبر الله. لذلك ينبغي، أيها الأحباء، أن نعترف الآن بفقرنا جداً، مع أن غِنَى الميراث كله الذي للابن قد كُتب وتسجَّل لنا نصيباً، ولكن ليس لنا هنا غِنىً أبداً حيث عالم الخديعة والغش. ليس لنا هنا مدينة باقية ولا وطن دائم ولا كرامة ولا صيت ولا اسم ولا راحة حقيقية، بل نطلب العتيد منها الذي ليس فيه غش ولا ظل دوران. لذلك يقول القديس بولس الرسول مُلحّاً: «اطلبوا ما فوق»!! وهل ممكن لإنسان يطلب ما هنا ويسعى وراء ما هو في أفواه الناس أو في أيدي الناس أو في تراب الأرض، ثم يستطيع أن يرى ما فوق أو يطلبه؟ فإما أن نسعى إلى أن نكمل ما هنا ليكون لنا فيه فرحنا وسرورنا وراحتنا ومجدنا، وإما أن نرفض ما هنا لنتفرغ لطلب ما فوق لمجد الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|