يقول المؤرخون ،إنه قبل نحو 1700 عام (في العام 326 م)،ارادت الملكة هيلانـة أن تعرف مصير الصليب المقـدس، الذي صلب عليه المسيح، حيث رأت في منامها حلماً، أنبأها بأنها هي التي ستكشف عن الصليب، وقد شجعها ابنها الإمبراطور قسطنطين على رحلتها إلى القدس(اورشليم)،وأرسل معها قوة من الجند قوامها ثلاثة آلاف جندي ليكونوا في خدمتها.. وفي القدس أرشدها البطريرك مكاريوس، إلى رجل طاعن في السن، وكان خبيراً بالتاريخ والأحداث، وسألته الملكة عن صليب المسيح، فأنكر في مبدأ الأمر معرفته به وبمكانه، فلما شددّت عليه الطلب وهددته ثم توعدته إن لم يكاشفها بالحقيقة، فاضطر إلى أن يرشدها إلى الموضع الحقيقي للصليب، وهو «كوم الجلجثة»، بالقرب من معبد فينوس، وهو بعينه المكان الذي تقوم علية الآن كنيسة القيامة في القدس العربية المحتلة.
وبعد أن أمرت الملكة هيلانة بإزالة التل، انكشفت المغارة وعثروا فيها على ثلاثة صلبان , وكان لابد لهم أن يتوقعوا أن تكون الصلبان الثلاثة : هي صليب المسيح يسوع، وصليب اللص الذي صلب عن يمينه، وصليب اللص الذي صلب عن يساره، وقد عثروا كذلك على المسامير , وعلى بعض أدوات الصلب، كما عثروا على اللوحة التي كانت موضوعة فوق صليب المسيح ومكتوب عليها – يسوع الناصري ملك اليهود – ويبدو أن هذه الصلبان الثلاثة كانت في حجم واحد، ومتشابهة، حتى أن الملكة ومن معها عجزوا عن التعرف على صليب المسيح يسوع من بينها، وبعد ذلك استطاعت الملكة بمشورة البطريرك مكاريوس، أن تميز صليب المسيح بعد أن وضعت الصلبان الثلاثة، الواحد بعد الآخر، على جثمان ميت، فعندما وضع الصليب الأول والثاني لم يحدث شيء، وعندما وضع الصليب الثالث، عادت للميت الحياة بأعجوبة باهرة، وبعد ذلك وضعوا الصليب على امرأة مريضة فشفيت في الحال، عندئذ رفع البطريرك مكاريوس خشبة الصليب ليراها جميع الحاضرين وهم يرتلون ودموع الفرح تنهمر من عيونهم، ثم رفعت القديسة هيلانه الصليب المقدس على جبل الجلجلة.
وتكريماً للصليب المقدس، غلفته بالذهب الخالص، ولفته بالحرير، ووضعته في خزانة من الفضة في القدس، وأرسلت القديسة هيلانة قسماً من الصليب والمسامير إلى قسطنطين وأبقت القسم الباقي في كنيسة القيامة التي أمر الملك قسطنطين ببنائها في نفس موضع الصليب على جبل الجلجثة، وسميت بكنيسة القيامة (وتسمى كنيسة القبر أيضا) ووضع فيها الصليب.