![]() | ![]() |
|
![]() |
|
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
||||
![]() الاعتراف الخلاصي للصّ عندما قال لصّ اليمين: ?اذكرني متى أتيتَ في ملكوتك?، أجاب المسيح: ?لك أقول أنّك اليوم تكون معي في الملكوت? (لوقا 42:23-43). هذا التأكيد من المسيح لا يعني أنّه كإله لم يكن في تلك اللحظة في الملكوت وأنّه كان ماضياً إلى هناك، بل هو كان يتحدّث كإنسان، لأنه كان ?كإنسان على الصليب، لكن كإله في كل مكان، هناك وفي الملكوت، مالئاً الكل? (القديس ثيوفيلاكتوس). لقد كان المسيح في الوقت نفسه على الصليب وفي القبر، في الجحيم بالروح كإله، في الملكوت مع اللص، وعلى العرش مع أبيه، بحسب ما تقول إحدى الطروباريات. يشير البعض إلى الفرق بين الفردوس والملكوت. القديس ثيوفيلاكتوس، مفسِّراً قول المسيح للصّ، ضامّاً إياه إلى قول الرسول بولس بأنّ أيّاً من القديسين لم يتلقَّ الوعد، يقول أن دخول الفردوس ودخول الملكوت هما أمران مختلفان. لم يسمع أحد ولا رأى الأمور الحسنة التي في ملكوت الله، بحسب كلام الرسول بولس: ?مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ»? (1كورنثوس 9:2)، بينما عين آدم رأت الفردوس وأذنه سمعته. في ذلك الحين بلغ اللص الفردوس الذي هو ?مكان راحة روحية?، وبعد أن يجيء المسيح ثانية ويقيم جسده سوف يتمتّع بالملكوت. إذاً، ?اللص بلغ الفردوس لكنه لم يبلغ الملكوت? الذي سوف يتمتّع به في المجيء الثاني. حتى ولو اعتبرنا أن الفردوس والملكوت هما الشيء نفسه، علينا أن نفهم أنّ منذ الآن، نفس اللص، كما نفوس القديسين، تتمتّع بتذوّق مسبَق للملكوت، ولكن عند الظهور الثاني ومجيء المسيح سوف يتمتّعون به بشكل كامل بأجسادهم المُقامة، بحسب درجة توبتهم وتطهّرهم (القديس ثيوفيلاكتوس). |
|
||||
![]() “إلهي إلهي لماذا تركتني؟” (متى 46:27). ينبغي تفسير هذا القول بطريقة أرثوذكسية، في إطار التحليل التفسيري لآباء الكنيسة القديسين، وإلاّ قد يكون هرطوقياً. هذا لأن بعض السكولاستيكيين والعقلانيين يحاولون تفسير هذه الكلمات بقولهم أنّ هذا الألم أتى من ترك الطبيعة الإلهية للطبيعة البشرية للحظات على الصليب حتى يحسّ المسيح بالألم. في الدرجة الأولى، هذا القول مرتبط بأحد مزامير داود الذي هو مزمور مسيحاني بامتياز كونه يشير إلى تجسد المسيح وآلامه الخلاصية والذي يبدأ كما يلي: “لماذا يا ربّ تنساني؟” (مزمور 1:22). هذا مزمور نبوي لأنّه يظهِر آلام المسيح على الصليب. لم يكن المسيح يكرّر المزمور آلياً بل بالتكرار كان يحقق النبوءة. بالطبع رؤيا النبي أتت أولاً والمسيح جاء ليحقق كل النبوءات التي قيلت عنه. القديس غريغوريوس اللاهوتي، مفسِّراً هذه الصرخة، يقول أن المسيح لم يكن متروكاً لا من أبيه ولا من ألوهيته، وكأنّه خائف من الآلام أو منكمشاً من العذاب. إذاً ما الذي جرى؟ بهذه الصرخة “وضع المسيح على نفسه ختمَ ما علينا”. بتعبير آخر، في تلك اللحظة تكلّم المسيح عنّا، لأننا نحن كنّا المتروكين والمهمّشين ومن ثمّ اتُّخِذنا وخُلِّصنا بآلام غير المتألّم. وفي تفسيره لهذا، القديس كيرللس الإسكندري، يقول أن المسيح: “تخلّى عن فهم الآلام وغفرانها”. إن إخلاء الذات عند المسيح الذي بدأ بتجسده بلغ ذروته وهذا ما سُمّي تخلياً. لقد ركّزنا في التحليل السابق على أنّ في المسيح كانت الطبيعتان الإلهية والبشرية متحدتين بلا تغيّر ولا انفصال ولا انقسام، بحسب تحديد المجمع المسكوني الرابع. هذا يعني أنّهما لم تنفصلا ولم تنقسما ولا حتّى افترقتا ولهذا السبب نحن نشترك في جسد المسيح ودمه. إذاً صرخة المسيح إلى الآب تعبّر عن صرختنا لفقداننا الشركة مع الله بالخطيئة. إلى هذا، لقد تألّم المسيح عنّا. |
|
||||
![]() قال المسيح “أنا عطشان” (يوحنا 28:19). يقول يوحنا الإنجيلي بشكل مميّز: “بَعْدَ هذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ:«أَنَا عَطْشَانُ».” (يوحنا 28:19). هذا أيضاً هو نبوءة من العهد القديم وبالحقيقة في نفس المزمور الذي رأينا سابقاً والمعروف بمزمور “العون”. هناك، عندما يشير كاتب المزامير إلى نسيان المسيح وإلى نقاط أخرى كثيرة في الصليب متعلقة باليهود المتعطشين إلى الدم وإلى سلوكهم الشرير، يقول: “يَبِسَتْ مِثْلَ شَقْفَةٍ قُوَّتِي، وَلَصِقَ لِسَانِي بِحَنَكِي، وَإِلَى تُرَابِ الْمَوْتِ تَضَعُنِي.” (مزمور 15:22). يقول الإنجيلي القديس أنّ المسيح قال “أنا عطشان” لكي تتحقق هذه النبوءة أيضاً. هذا حقيقة وينبغي فهم أنّ النبي الملك عندما أشار إلى عطش المسيح، كان يعاين ما سوف يجري وليس أن المسيح قال هذا ليتمّ النبوءة. سبب العطش كان الجفاف العظيم في الجسد بسبب التعرّق مما يجعل الجسد بحاجة إلى الماء لتعويض ما يفقده. هذا ما جرى للمسيح، فالأمور التي مرّ بها وخاصةً الساعات الطويلة على الصليب وخسارة الدمّ والماء سببت له عطشاً لا يُحتَمَل. هذا يظهِر أن جسد المسيح على الصليب كان جسداً حقيقياً وليس خيالياً، وأن المسيح تألّم فعلاً من أجل خلاص البشر. إضافةً إلى ذلك، علينا أن ننظر إلى هذا من وجهة نظر أن لا شيء جرى للمسيح بالإكراه، لأنّه هو تألّم وعطش عندما أراد أن يتألّم ويعطش، إذ عندما أرادت الطبيعة الإلهية، سمحت بأن تتألّم الطبيعة البشرية. |
|
||||
![]() “قد تمّ” (يوحنا 30:19). معنى “قد تمّ” مرتبط ليس فقط بتحقيق كلّ النبوءات، بل أيضاً بعمل الفداء والخلاص لكل البشر. إنّه ذروة تضحية المسيح الافتدائية. هنا نحن على قمة إفراغ ابن الله وكلمته لذاته، ويمكننا أن نقول أكثر أننا مواجَهون بعمق تواضع الله. لم يكتفِ المسيح بالتعليم بل “وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.” (فيليبي 8:2). لقد نطق المسيح بهذه الكلمات منتصراً. يقول الإنجيلي مرقس: “فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.” (مرقس 37:15). أن يقول المسيح مباشرة قبل خروج نفسه من الجسد أن “قد تمّ” بصوت عظيم، يظهِر أنّه كان ذا سلطة وقوة عظيمتين. المسيح دعا الموت، فهو مات عندما أراد ولم يضعف كما يفعل عادةً المقبِلون على الموت. فالمألوف هو أنّ الإنسان قبل موته يكون بلا قوة وتدريجياً يختفي. لكن هذا لم يجرِ مع المسيح فقد تصرّف على الصليب كإله-إنسان. |