* بسبب حسن يبدأ الإنجيلي يوحنا قصته من الوجود الأزلي. بينما يبدأ متى بعلاقة (المسيح) بالملك هيرودس، ولوقا بطيباريوس قيصر، ومرقس بمعمودية يوحنا، يترك هذا الرسول كل هذه الأمور ليعبر فوق كل زمن وكل عصر
* لماذا بينما بدأ الإنجيليون الآخرون بالحديث عن التدبير... أشار يوحنا إلى ذلك باختصار مؤخرًا: "الكلمة صار جسدًا" [14]. ترك الحديث عن بقية الأمور: الحبل به، وميلاده، ونشأته، ونموه، متحدثًا معنا في الحال عن ميلاده الأزلي...؟ لكي ينزع عن الذين يرغبون في أن يُغرموا بالأرض هذا الأمر، ويجتذبهم نحو السماء. لهذا بسبب حسن يبدأ قصته من فوق ومن الوجود الأزلي. بينما دخل متى إلى الحديث ذاكرًا الملك هيرودس، ولوقا طيباريوس قيصر، ومرقس معمودية يوحنا، ترك هذا الإنجيلي كل هذه الأمور وارتفع فوق كل زمن وكل عصر وسحب فكر سامعيه إلى "البدء" حتى لا يسمح للفكر أن يلتصق بأية نقطة، ولا يرتبط بحدودٍ معينة كما فعل الإنجيليون، إذ ارتبطوا بهيرودس وطيباريوس ويوحنا. وما نشير إليه هو أن ما يستحق العجب أن يوحنا الذي كرّس نفسه لهذا التعليم العلوي لم يتجاهل تدبير (الخلاص)، كما أن الإنجيليين الآخرين لم يقفوا عند الارتباط بهذه الحدود ولا صمتوا عن كيانه قبل العصور. فإنه بسبب صالح الروح الواحد هو الذي حرك هذه النفوس جميعًا. ولذلك اظهروا اتفاقًا عظيمًا في روايتهم.
القديس يوحنا الذهبي الفم