وأتت عصفورة لتلتقط الحَب وظننتُ أنها ستأكل حتى تشبَع

[Mary Naeem]

البابا شنودة الثالث




كنتُ جالساً أمام قلَّايَتي في حديقة الدير، وكانت على الأرض بعض الحبوب لعلها سقطت مِن بعض عمَّال المزرعة، وأتت عصفورة لتلتقط الحَب وظننتُ أنها ستأكل حتى تشبَع، ولكنها التقطت حبة واحدة أو حبتين وطارت تاركةً كل هذا الخير وراءها غير حافلة به وغير آسفة عليه، وأخذتُ منها درساً في القناعة، بل وفي التجرُّد فهي أخذت الكفاف الذي تريده وطارت سعيدة، فضلَّت أن تسبح في السماء عن أن تجلس إلى جوار المادة، وكان هذا درساً آخر لي وقلتُ في نفسي هذه العصفورة أكثر رهبنةً مني؛ لأنها تفعل كل ذلك بطبيعتها وعلى سجيَّتها، السعادة طبيعة فيها على الرغم مِن فخاخاً كثيرة ربما تنتظرها، وعلَّمتني درساً آخر في حياة الإيمان؛ لأنها تركت الحبوب وطارت وهي واثقة تماماً أنَّ كل مكان ستذهب إليه ستجِد فيه قوتها.


حقاً ياسيِّدي إنَّ هذه العصافير أفضل مِن البشر، ولكن لفَرط محبَّتك لنا قُلت شيئاً أخجَلنا وهو: "ألستم أنتم بالحريّ أفضل منها"

اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ متى 6: 26