![]() | ![]() |
|
![]() |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حياته البهية هيَّأته للسماء وَكَانَ عِنْدَ إصعاد الرَّبِّ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ، أَنَّ إِيلِيَّا وَأليشع ذَهَبَا مِنَ الْجِلْجَالِ. [1] تمتَّع إيليا بصعوده إلى السماء في مركبة نارية، بينما مات موسى ودُفن، وقد ظهر الاثنان في تجلي السيد المسيح على قدم المساواة. إصعاد إيليا له رسالته، وموت موسى كان له رسالته، ليس لنا أن نُميِّز بين هذا وذاك، إذ كل منهما يتمم رسالة الآخر في المسيح يسوع مخلص العالم. الجلجال: الجلجال هنا غير تلك التي ليشوع (يش 4: 19)، إنما موضع آخر. الجلجال المذكورة هنا كانت في جبل أفرايم على بعد ثمانية أميال شمال بيت إيل، وهي جلجلية الحالية، وكان فيها مقر للأنبياء (2 مل 4: 38). كلمة "الجلجال" تعني "دحرجة". لقد ترك إيليا النبي الجلجال، أي موضع الدحرجة، وامتلأ بالغيرة، ليسكن في بيت إيل، أي في بيت الله، إشارة إلى الاشتياق للتمتع بالعالم السماوي. لم يسرد لنا الكتاب المقدس شيئًا عن أليشع في الفترة ما بين دعوته للعمل النبوي (1 مل 19: 19-21) وفترة إصعاد إيليا إلى السماء، فقد كانت فترة تلمذة بروح الصلاة مع الاهتمام بالسلوك كتلميذٍ لإيليا النبي. إذ يتطلع القديس مار يعقوب السروجي إلى منظر إصعاد إيليا النبي، يدعو الصاعد في المركبة "الجميل" أو "البهي"، ولعله يقصد بذلك الحامل انعكاس بهاء الله عليه، فتأهل لمركبة سماوية بهية، نزلت إليه خصيصًا، لتحمله إلى السماء. يدهش من هذا الترابي الذي لم تستطع الأرض أن تمسك به، ليعود مثل أبيه آدم إلى التراب. إنما انطلق هذا الأرضي السفلي ليسكن مع العلويين، ويختلط مع السمائيين. وكأن السماء اختطفته من الأرض لتعلن عن نصرته! تمتع إيليا باللقاء مع الله على جبل سيناء، وامتلأت نفسه باللهيب السماوي. صعد بعقله إلى السماء. هكذا جاء إصعاده إلى السماء امتدادًا طبيعيًا لالتصاقه الدائم مع السماوي. فقد التصق إيليا بكل كيانه بالله، ولم يعد فيه جزء ما، سواء في نفسه أو جسده بكل طاقاته يميل حتى لرؤية العالم. جاء إصعاده ثمرة إصعاده المستمر كل أيام حياته نحو السماء دون انحدار، يرتفع دومًا على سلم الكمال الروحي. لم تكن تشغله اللقاءات الجسدية أو البشرية، فتأهل للسكنى بين العلويين. نصراته المستمرة هيأته لينطلق من عالمٍ مملوءٍ بالفخاخ. وحاله الروحي هيَّأه ليقطن بين السمائيين. لم يقبل القدوس أن يترك مثل هذا المنتصر أن يكون خبزًا للموت! الرأس التي لم تنحنِ قط للخطية والشر انفتحت أمامها أبواب السماء، لكي لا تنحني في باب الهاوية! v لنتحدث إذًا عن إصعاد هذا الجميل، وعن المركبة البهية التي نزلت إليه على الأرض. وعن الجسداني الذي استحق أن يسكن مع الروحيين، وعن الترابي الذي لم يعد إلى الأرض ليصير ترابًا. وعن السفلي الذي توجَّه في طريقه نحو العلويين، وعن ابن جنسنا الذي تركنا ليختلط مع الملائكة. وعن المعجزة التي استولت على الأرض، لأن العلويين خطفوا واحدًا من حضنها، ليصير معهم بين أجواقهم... يلزم أن نفتش عن سبب هذا الطريق، كيف؟ ولماذا؟ وبماذا أسرع منذ البداية؟... بعد كل هذا الجمال السامي الذي اقتناه، أخذوه من هنا ليصعد، ويقيم بين المملوءين جمالاً. بعد أن استنار من إيحاءات جبل سيناء، واشتعلت نفسه كاللهيب بالمشهد العلوي، وظهرت له شكينة[9] الأسرار وطهَّرته، ولم يظل فيه جزء من العالم إلا واكتمل، صعد ليقيم بعقله مع الله، ونزل العلي عنده ليسكن فيه. لم يكن يكرس أوقات للكمال، لأن البهي خلط كل حياته مع الله. لم يكن يصعد في الكمال ثم ينحدر، لأنه منذ أن بدأ ارتفع فوقُ في الكمال. وإذ لم يوجد فيه جزء يميل ليرى العالم، أراد العليّ أن يُصعد ابنُ السفليين إلى العلى. أراد أن يعطيه إكليل الحياة اللامائت، الذي كان قد أسقطه من آدم عندما صار عريانًا. أراد أن يُكَلِّل الجميل، لأنه صنع جهادًا في العالم الذي هو مسرح لمن يعرفه. أراد أن يعطي هذا المجد هدية الحياة لذاك النشيط، لأنه ركض مثل الأبطال في ساحات البرّ. أراد أن يرفعه من المسكونة المملوءة آلامًا، إذ وجد بأنه لا يحبها، ولو أنه كان يسكن فيها. أراد أن يُصعده، ليجعل مسكنه بين الروحيين، لأنه أبغض كل اللمسات الجسدية. أراد أن يعطيه موضعًا في عالمه الذي لا ألم فيه، لأنه أحس بأن هذا الموضع ليس ملكه. أراد أن يرفعه من عمقٍ مملوءٍ بفخاخٍ، إلى موضعٍ سامٍ وبهيٍ وخالٍ من الشرور. أراد أن يُصعده، ليسكن بين جموع الروحيين، بسبب جماله الروحي. أراد الرب الخفي أن يريح العبد الصالح: هلم يا من تعبت، استرح من تعبك وضيقك! هلم أيها المجيد، ادخل إلى خدر الحياة الجديدة، فالموت الشره لا يستحقك لتصير خبزه! هوذا أبواب العلي مفتوحة لك، فادخل أيها القديس، لئلا ينحني رأسك الشامخ في باب الهاوية. القديس مار يعقوب السروجي القديس كيرلس الأورشليمي |
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هكذا عاش أيوب كل حياته يطلب التوبة، فتصير حياته مطوبة | Mary Naeem | أقوال الأباء وكلمة منفعة | 0 | 02 - 03 - 2023 02:41 PM |
المقْدس الذي هيَّأته يداك يا رب | Mary Naeem | شخصيات الكتاب المقدس | 0 | 18 - 08 - 2022 11:42 AM |
لم يعرّض يسوع حياته فقط بل هو في الواقع بذل حياته لأجلنا | Mary Naeem | قسم الرب يسوع المسيح الراعى الصالح | 0 | 27 - 07 - 2022 06:36 PM |
...فكانت حياته أقوى من أى عظة بل كانت حياته هى العظة.. | nasser | ركن أرشيف المواضيع | 1 | 18 - 12 - 2014 03:45 PM |
من وجد حياته يضيّعها، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها | Ebn Barbara | كلمة الله تتعامل مع مشاعرك | 2 | 21 - 09 - 2012 02:42 PM |