![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() "هِيَ كَسُفُنِ التَّاجِرِ. تَجْلِبُ طَعَامَهَا مِنْ بَعِيدٍ" الأمثال 31: 14 إنَّه وصفٌ من بين أوصاف عديدة تُنسب إلى الأمِّ الفاضلة ، وصفٌ نجده في سفر حِكمة سليمان، مُستمدٌّ من واقع حياتها واجتهادها اليوميِّ وطبيعتها الخلَّاقة. فالكاتب يصف الأمَّ الفاضلة بأنها "كسُفنِ التّاجر"، التي تعمل بانتظام واجتهاد، وببُعد نظر، مستثمرة أرباحها في تحسين أوضاع عائلتها ومستقبلها. هل يُمكن لأيِّ سفينة أن تُبحر في سفرة طويلة دون ربَّان يقودها ودون بوصلة تهتدي من خلالها؟ هكذا الأمُّ المتقيَّة الرَّب تتَّخذ من المسيح ربَّانًا يقود سفينة حياتها وبيتها، جاعلة من كلمة الله البوصلة التي تهتدي بها خلال الرِّحلة؛ والقادرة أن تحفظ سفينتها من أخطار الجنوح. فسفينة التَّاجر تجلب البضائع الثَّمينة من بلاد بعيدة، هكذا الأمَّهات الحقيقيَّات ينقلن بركات السَّماء لأفراد العائلة. وكسفينة التَّاجر تجوب البحار غيرَ خائفةٍ من العواصف ومفاجآتها، بل تمضي بثبات رغم الرِّياح العاتية، تحمل الخير لعائلتها وتواجه كلَّ التحدِّيات بثقة واتكال على الله. فهي لا تخشى أمواج الحياة التي تحاول أن تعصف بأبنائها، ولا تهتزُّ أمام رياح الفساد أو دوامات العوز، بل تتسلَّح بالإيمان والحكمة، وتُبحر نحو الميناء الآمن ، حيث تجد راحة قلبها في رؤية عائلتها تنعم بالسَّلام والطُّمأنينة. هي لا تعمل لنفسها، بل تسكب ذاتها من أجل الذين تحبُّهم، تغذِّيهم ليس فقط بالخبز، بل بالكلمة الطَّيبة، بالمحبَّة التي لا تفنى ، بالتَّضحية التي لا تطلب مقابلًا. كلَّ صباح ترفع شراع الرَّجاء، وكلَّ مساء تستودع سفينتها بين يديِّ الله ، واثقة أنَّ العناية الإلهيَّة هي التي تقود رحلتها. ليست العواصف ما يشغل قلبها، بل الوصول الآمن. الوصول بحمولة ممتلئة بالعطاء، مكدَّسة بالحبِّ، لتفرغها عند شاطئ الحياة، فتفرح بأن تعبها لم يكن باطلًا. سفينتها ليست مجرَّد خشب ومسامير، بل هي قلب نابض ، مجدافها هو الصَّبر، وشراعها هو الإيمان، وبوصلتها هي كلمة الله، وكلُّ موج يعلو أمامها، لا يزيدها إلا عزيمة، فهي تعلم أنَّ هناك مرفأً ينتظرها ، هناك ميناء ستصل إليه، وهناك فرح ينتظرها عندما ترى عائلتها تحت شمس الأمان ، تتنفَّس السَّعادة، وتتذوَّق ثمار تعبها، فتبتسم وهي تعلم أن رحلتها لم تكن إلَّا رسالة حبٍّ على صفحة البحر. لقد أعطى الله المرأة امتياز إمداد خليقته الكاملة بكائنات تتناغم قلوبها تناغمًا تامًّا مع أفكار الله. يعكسون مجد خالقهم في كلِّ تفاصيل حياتهم وأنشطتها، ويعيشون في سعادة كاملة وقداسة. ليست وظيفة الأمِّ أن تُشبع غريزة الأمومة التي أوجدها الله فيها وحسب، بل أن تأتي بكائنات خالدة إلى العالم. فالله أوجد الأمَّهات في الأساس ليرسلن إلى العالم الخاطئ أبناءً صالحين ليكونوا ملحًا للأرض وليملأوا العالم بمبادئ الإيمان الحقيقيّ. حين تُدرك الأمُّ قيمة المهمَّة الموكلة إليها؛ يُكرمها الرَّب ويحيطها بنعمته، يمنحها القوَّة في ضعفها، والمعونة في أتعابها، ويجعل تعبها مثمرًا وأثرها خالدًا في نفوس أبنائها. فتكون تلك المرأة الفاضلة التي تحدَّث عنها سفر الأمثال، التي يثق بها زوجها ، وتفرح بها أسرتها، ويعلو اسمها بالمديح عند الأبواب. تنال الإكرام من زوجها حين يراها معينًا نظيره، شريكة في المسيرة، تحمل قلبًا يصلِّي، وفكرًا يخطِّط، ويدين تمتدَّان للبنيان لا للهدم، عندئذ يُدرك أن نجاحه لا يكتمل إلَّا بحضورها ودعمها. أمَّا أبناؤها، فيبادلونها الحبَّ والامتنان، يذكرون ليالي السَّهر، وأيام العطاء، والكلمات التي شكَّلت شخصيَّاتهم، والعناق الذي كان دواءً لجروح الحياة. فقد رأوا فيها مثال الأمانة والنِّعمة، وسندهم الذي لم يتغيَّر رغم مرور الزَّمن. في كلِّ خطوة ناجحة، في كلِّ تحدٍ واجهوه بقلب شجاع، يدركون أنَّها كانت هناك، تصلَّي، تشجِّع، تبني، وتُحب دون شرط. هكذا تكرَّم المرأة الأم، ليس فقط بالكلمات، بل بتقديرٍ عميقٍ يملأ القلوب، وبثمارٍ طيبةٍ تمتدُّ عبر الأجيال، وبمكانة محفوظة في قلب الله الذي يرى كلَّ دمعة صامتة وكلَّ تضحية خفيَّة، ويعدها بأكاليل المجد. أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَمْدَحْهَا أَعْمَالُهَا فِي الأَبْوَابِ. أمثال 31: 31 |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الْوَحِيدَةُ لأُمِّهَا هِيَ عَقِيلَةُ (المختارة) وَالِدَتِهَا هِيَ |
فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ |
تِلكَ هِيَ المَحبّةُ |
هِيَ أَقْدَارٌ |
قَليلةٌ هِيَ أحلآمِيْ . |