بالطبع لم تكن مريم تدرك أن هذا العمل الذي اتصف بالبساطة والتلقائية، بالحب والاتضاع، سيكون له هذا الخلود على مر التاريخ (مر14: 9). إنه النصب التذكاري الذي أقامه لها الرب على ما أبدته من نحوه في وقت شدّته. فلا شك أن هناك الكثير من جليل الأعمال التي لها جمالها الخاص وتأثيرها المبارك. فإن ما عملته مريم لم يسجَّل في سجلات البشر، بل تسجل في السجِلّ الإلهي على صفحات الوحي الدائم الوجود والدائم الأثر. ولا شك أن هناك، على مر التاريخ، مَنْ لهم مِن جليل الأعمال والخدمة، لا بشهادة الناس فقط، بل بشهادة الرب؛ وذلك عندما يكلِّل الرب هامات كل هؤلاء الذين سكبوا عند قدميه طيب النفس الساجدة صمتًا أو علانية، طيب المحبة المعطية جهرًا وسرًا، طيب الخدمة المضحية بالقليل أو الكثير.