رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النور الداخلي "نَفْسُ الإِنْسَانِ سِرَاجُ الرَّبِّ، يُفَتِّشُ كُلَّ مَخَادِعِ الْبَطْنِ" [ع 27] يهب الله روح الإنسان نور المعرفة، "لأن مَن مِنَ الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه؟" (1 كو 2: 11). يدعو الروح هنا "سراج الرب"، ينير ليس من ذاته، وإنما بعمل الله فيه، لذا لم يقل: "نور الرب" بل سراجه. عن طريق الروح يتحدث الله مع الإنسان، ويجتذبه إليه، ويكشف له عن أسراره. "يحبلون ويلًا، ويلدون إثمًا، ويعد رحمهم خداعًا" (أي 15: 35 Vulgate). يحبل (الإنسان) ويلًا عندما يدبر أمورًا شريرة، ويلد إثمًا عندما يبدأ في تنفيذ ما دبره. بالتمتع بالحسد يحبل ويلًا، وبالنطق بالافتراءات يلد إثمًا. إنه لشر عظيم عندما يجاهد الشرير أن يُظهر الآخرين أشرارًا، حتى يبدو هو نفسه قدِّيسًا، إذ يظهر الغير غير مقدَّسين. * يلزمنا أن نضع في ذهننا أنه يُستخدم لقب "البطن" أو "الرحم" في الكتاب المقدَّس ليُفهم بهما "العقل". قيل بسليمان: "سراج الرب طرق البشر يبحث عن كل الأجزاء الداخلية للعقل (الذهن)" (أم 20: 27). بلقب "الرحم" يُفهم "العقل". فكما أن النسل يُحبل به في الرحم، هكذا الفكر يتولد في العقل. وكما أن اللحم يوجد في البطن هكذا الأفكار في العقل. هكذا فإن رحم المرائي يعد خداعات، إذ يحبل دومًا في عقله شرورًا عظيمة ضد أقربائه، تتناسب مع أهدافه نحو نفسه، أن يظهر بريئًا أمام كل البشر. * آلام الجسد نعمة عظيمة لا بُد أن يدركها المريض، فهي تطهر من الآثام، وتحد من الخطايا التي يمكن ارتكابها. كذلك يعاني العقل من الجراح القاسية الاحتمال التي تتسلط عليه من ضربات خارجية. لذلك يقول الكتاب المقدس: "حُبُرُ جُرْحٍ منقيةٌ للشرير، وضرباتٌ بالغةٌ مخادِعَ البطن" (أم 20: 30). نعم إن حُبُرُ الجراح تنقي من الشرور؛ أي أن آلام التطهير تنقي من الشرور، سواء التي بالفكر أو بالفعل. البطون تشير عادة إلى العقول، لأنه كما تستهلك البطون الطعام يتمثل العقل الهموم بالتأمل والتفكير فيها. إننا نتعلم أن العقل يشار إليه بالبطن من العبارة المكتوبة: "نفس الإنسان سراجُ الربِ، يفتش كل مخادعِ البطن." (أم 20: 27)، أي أن سراج الوحي الإلهي يدخل إلى النفس البشرية فينيرها كاشفًا لها كمرآةٍ. لأنه قبل حلول الروح القدس كانت النفس تلهو بالآثام، ولكنها لم تعرف كيف تُقَدِر أخطارها. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|