|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اتِّضاع آخاب: 27 وَلَمَّا سَمِعَ أَخْآبُ هذَا الْكَلاَمَ، شَقَّ ثِيَابَهُ وَجَعَلَ مِسْحًا عَلَى جَسَدِهِ، وَصَامَ وَاضْطَجَعَ بِالْمِسْحِ وَمَشَى بِسُكُوتٍ. 28 فَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى إِيلِيَّا التِّشْبِيِّ قَائِلًا: 29 «هَلْ رَأَيْتَ كَيْفَ اتَّضَعَ أَخْآبُ أَمَامِي؟ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ اتَّضَعَ أَمَامِي لاَ أَجْلِبُ الشَّرَّ فِي أَيَّامِهِ، بَلْ فِي أَيَّامِ ابْنِهِ أَجْلِبُ الشَّرَّ عَلَى بَيْتِهِ». "ولما سمع آخاب هذا الكلام شقَّ ثيابه، وجعل مسحًا على جسده، وصام واضطجع بالمسح ومشى بسكوت" [27]. إذ سمع بالحكم الإلهي على فم إيليَّا النبي قدَّم توبة؛ مزَّق ثيابه، ولبس المسوح وصام، وكان يسير حافي القدمين في صمت. ارتدى ثوب الصوم المقدَّس. * "لذلك سيطر عليهم كبرياؤهم، تغطُّوا بإثمهم وشرُّهم" (مز 73: 6). فالإثم يوفِّر غطاءًا رديًا، وإن أراد أحد أن يكسونا به، يجب أن نخلعه، وإلاَّ أتى معنا إلى القضاء. وإن حاول أحد أن يخلع عنَّا رداءنا الروحي الذي تسلَّمناه، اخلعوا أنتم ثوب الإثم والبسوا غطاء الإيمان والصبر الذي بهما غطَّى داود نفسه في الصوم، لئلاَّ يفقد ثوب الفضيلة. والصوم نفسه غطاء، فحقًا ما لم يغطِّ الصوم المقدَّس يوسف لعرَّته الزانية الشهوانيَّة (تك 39: 12). لو كان آدم قد اختار أن يغطِّي نفسه بذلك الصوم ما تعرَّي! لكن لأنَّه تذوَّق من شجرة معرفة الخير والشرّ، معاندًا الحَرم السماوي، ومتعدِّيًا للصوم الذي فرض عليه بتناوله طعامًا "الانصياع للشهوة الحسِّيَّة"، فقد عرف أنَّه عريان! (تك 3: 6-11). لو صام لحفظ ثوب الإيمان وما رأى نفسه عاريًا. فلننأى نحن عن تغطية ذواتنا بالإثم والسكر، لئلاَّ يُقال عن أحدنا "لبس اللعنة كثوب!" (مز 109: 18). فقد كسى آدم نفسه بكساء رديء، وراح يتلمَّس أغطية من أوراق الشجر، لهذا نال حكم لعنة. القديس أمبروسيوس "فكان كلام الرب إلى إيليَّا التشبِّي قائلًا:هل رأيت كيف اتَّضع آخاب أمامي؟ فمن أجل أنَّه قد اتَّضع أمامي لا أجلب الشرّ في أيَّامه، بل في أيَّام ابنه أجلب الشرّ على بيته" [28-29]. عجيبة هي مراحم الله الفائقة، وصلاحه، فإنَّه يشتهي خلاص الكل. يترقَّب دائمًا توبة كل إنسان لكي يفيض عليه من خيراته. * هل قرأنا عن أحد بين الملوك أشرّ من آخاب، إذ يقول عنه الكتاب: "ولم يكن كآخاب الذي باع نفسه لعمل الشرّ في عينيّ الرب"...؟ يا للندامة السعيدة التي تجتذب إليها عينيّ الرب، والتي باعترافها بالخطأ غيَّرت الحكم الصادر عن غضب الله! * عندما اجتمع الشعب في المصفاة أعلن صموئيل صومًا فتقوَّوا وبهذا غلبوا العدوّ (1 صم 7: 7). هجوم الآشوريِّين تحطَّم بقوَّة، وقوَّة سنحاريب تهشَّمت بدموع الملك حزقيا ومسوحه واتِّضاعه بالصوم. وأيضًا مدينة نينوى أثارت بالصوم حنوّ الرب ونزعت تهديدات غضبه... آخاب أكثر الملوك شرًّا بالصوم وارتداء المسوح نجح في الهروب من حكم الله أجل دمار بيته إلى أجيال لاحقة. * خطيَّة آخاب وخطيَّة ايزابيل واحدة، لكن إذ تاب آخاب تأجَّلت عقوبته لكي تحلّ على أولاده (الأشرار)، أمَّا إيزابيل فإذ أصرَّت على شرَّها لاقت مصيرها (المؤلم) هنا وهناك. * كرم يزرعيل "زرع الله" يتطلَّب انتقامًا منك، إذ حوَّلته حديقة للملذَّات وبذرة للشهوات. يرسل لك الله إيليَّا ليخبرك عن الآلام والموت. ليتك تحني نفسك وترتدى مسوحًا إلى حين لعلّ الله يقول لك ما قاله لآخاب: "هل رأيت كيف اتَّضع آخاب أمامي؟! فمن أجل أنَّه قد اتَّضع أمامي لا أجلب الشرّ في أيَّامه". * فحص الرب آخاب عندما قتل نابوت وأخذ كرمه، وجُرْمه بأن يُسفك دمه. أُرسل إيليَّا النبي إليه يقول: "هل قتلت وورثت أيضًا؟! [19]. للحال ضربه ضميره وعذَّبه، فأحنى رأسه وسار وعيناه مسبولتان إلى أسفل. هذا هو الملك الشرِّير الملتحف بالأرجوان. يقول الكتاب المقدَّس بعد ذلك أنَّه ذهب مرتديًا المسوح تحت ثوبه الملوكي، وإذ رآه الله هكذا قال: "من أجل أنَّه قد اتَّضع لأجلي، لا أجلب الشرّ في أيَّامه" [29]. تتحقَّق قوَّة المسوح والصوم وكيف تغسل دموع التواضع الدم! هذا هو الطريق اللآئق لترتدي المسوح، والطريق المناسب للصوم، الأمر قد لا يلاحظه أحد. القديس جيروم * إن أردت أن تطير صلواتك مرتفعة إلى الله، هب لها جناحين: الصوم والصدقة. القديس أغسطينوس |
|