رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقياس الغفران (مت 18: 21- 35) بالنسبة إلى متّى أيضًا، يشير علينا من خلال حوار خاص دار بين بطرس ويسوع، خلال خطبة يسوع الكنسية بمقياس الغفران كخبر سّار، من خلال التذكر ومرة أخرى تتجه الذاكرة إلى المستقبل. لا نحتاج إلى تذكر ما وراءنا فقط من عهد إلهي، بل علينا بالتطلع إلى ما هو أمامنا، أيّ ملكوت الله! وذكر الملكوت يرتبط بالغفران. إنّ الغفران وهو غير مأخوذ في إعتبار بطرس، الّذي يُمثلنا جميعًا، في حديث يسوع مع بطرس يستند إلى تذكيرنا اليّوم بما يشبه الملكوت "الغفران غير المحدود". حضور بطرس هو حضور التلميذ الّذي ينمو في تبعيته للمعلم«يا ربّ، كم مَرَّةً يَخْطَأُ إِلَيَّ أَخي وَأَغفِرَ لَه؟ أَسَبعَ مَرَّات؟ فقالَ له يسوع: لا أَقولُ لكَ: سَبعَ مرَّات، بل سَبعينَ مَرَّةً سَبعَ مَرَّات» (مت 18: 21- 22). مما يشير علينا بأن تلميذ يسوع، أنا وأنت اليّوم، مدعوين لمعايشة سرّ الغفران بطريقة غير محدودة ولا نهائية والسبب هو أنّ منطق الملكوت يتجلى في الغفران مع العلم بأنه يعتمد على إرادة إنسانية متحررة من الغفران الغير محدود والّذي يعيشه المؤمن داخل علاقته بالله. هنا ينكشف سرّ الغفران، حينما يختبر الإنسان الغفران الإلهي ويجعل قلبه يتسع ليغفر بدوره لقريبه الإنسان بشكل غير محدود. يدرك تلميذ يسوع، أنا وأنتاليّوم، أنّ حياته تنتمي للملكوت بعد أن تحرر بنعمة الغفران من دين عشرة آلاف وزنة، ديّنُ باهظ ويستحيل سداده؛ دين لم يكن ليقوم بسداده حتى بالتخلي عن أفضل ما لديّه «ولَم يَكُن عندَه ما يُؤَدِّي بِه دَينَه، فَأَمَرَ مَولاهُ أَن يُباعَ هووامرأَتُه وأَولادهُ وجَميعُ ما يَملِك لِيُؤَدَّى دَينُه» (مت 18 :25)، أو ببيع أغلى ممتلكاته، ولا حتى ببيع نفسه كعبيد أو بالتخلي عن أعظم خير، وهو حريته. كل هذه التنازلات لن تكون شيئًا في مواجهة عشرة آلاف وزنة، وهو مبلغ لا يقاس، والّذي يريد ببساطة الإشارة إلى الشموليّة وكلية الديّن، والاعتماد الجذري على الله. يشبه ملكوت السموات هذا الحدث كونه موضوعًا لا داعي له، كنعمة غير مستحقة وغير مكتسبة. وبهذا الحوار يلقي علينا يسوع بتعليم جديد وهو أن الغفران يصير منطق الملكوت الحياتي من هنا والآن، بمعايشتنا سرّ الغفران، يمكننا الإنتماء لعالم الملكوت الأبدي. الخلّاصة توقفنا من خلال كلمات الحكيم ابن سيراخ (27: 30- 28: 7) ويسوع بحسب إنجيل متّى (18: 21- 25) للتعرف على منطق جديد يحملنات للمكلوت ويمكننا أنّ نحياه منذ الآن وهو الغفران. لماذ علينا كمؤمنين أنّ نغفر؟ ذاكرتنا البشريّة التي قد تكون عثرة حينما تتذكر خطأ القريب وتتوقف دون أن تتجاوزها. إلا أن كلمات الحكيم ساعدتنا كمؤمنين اليّوم على الوقوف أمام ماضيا وباستعادة نور الذاكرة كنساء ورجال مؤمنين بالرّبّ، قادرين على الحفاظ على الغفران كعنصر لا غنى عنه في حياة نعيشها على أكمل وجه. تشهد ذاكرتنا على أنّ منطق الملكوت يتجسد بالقدرة على الغفران اللامحدود واللانهائي. نعم فقط أولئك القادرين على الغفران يظهرون أنفسهم مواطنين للملكوت السماوي بسبب نظرتهم الّتي تتطلع إلى الأمام، والّتي تتفهم الحاضر بدءًا من النهاية، والّتي تتفهم النهاية بدءًا من نظرتهم الواقعية لنهاية حياتهم، تتشكل في الحياة على أنها الغفران. مَن يتمتع بترك الديّن هو القادر على ترك المائة وزنة، وهو ديّن صغير القيمة مقارنة بالعشرة آلاف وزنة، لكنه يُخاطر بمنعنا من العيش بشكل كامل. مائة وزنة يديّن لنا بها الآخرون، ومئة وزنة نديّن بها لأنفسنا، ومئة وزنة ندين بها للآخرين. بممارتنا "نعمة الغفران" سنتمتع بنظرة قادرة على الغفران لذواتنا وللآخرين. بالغفران تولد الحياة بملء، لكن كل هذا لا يندمج من واجب أخلاقي فقط، ولكن على أساس النعمة الّتي تعرف ذاكرة المستقبل والماضي كيف تحافظ عليها! دُمتم أيّها القراء الأفاضل، في إنتماء للملكوت والدخول في منطقه من خلال ممارسة سرّ الغفران بمجانيّة كما نناله من الرّبّ. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لنطلب الغفران من سيد الغفران |
الصلاة هي مقياس لكل شيء |
قدس أقداس |
ان تحب بلا مقياس |
مقياس الطول..أم مقياس العمق؟ قداسة البابا شنودة الثالث |