اليوم, 01:28 PM | رقم المشاركة : ( 178031 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قوة المحبة الإلهية الله أحب الإنسان هذه حقيقة حاول الشيطان من بداية تاريخ الإنسان ومازال يحاول أن يطمسها، إلا أنها ستظل بارزة واضحة أمام كل مُخلِص ومُنصِف. والإنسان أبغض الله، هذه أيضاً حقيقة واضحة، مهما حاول الإنسان إنكارها؛ فأعماله وأفكاره وأقواله تُبرهن على هذا. يقول الرسول «وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة» (كو1: 21). إلا أن محبة الله استمرت في تدفقها نحو الإنسان، على الرغم من كل بغضته وعداوته لله. وتاريخ البشرية كله يشهد، بل يتلخص في كلمات قليلة: إنه قصة بُغضة مستمرة من جانب الإنسان لله، وقصة حب مستمر من جانب الله للإنسان. إلا أن هذه الحقيقة لم تتضح كما اتضحت في الصليب عامة، وفي تلك الطعنة خاصة. فقد كانت تلك الطعنة الغادرة هي الوسيلة التي اختارها البشر، في عداوتهم لخالقهم، لكي يُودِّعوه بها. فعندما جاءهم مُحِباً؛ استقبلوه في مذود حيوانات، أي لم يستقبلوه. وعندما عاش بينهم خادماً وشافياً؛ لم يقدموا له مكان يسند فيه رأسه، أي أنهم لم يقبلوه. وعندما مات فادياً ومخلصاً؛ فبالحربة ودّعوه، طعنوه، أي أنهم احتقروه. لقد صمموا على بغضته، وهو صمم على حبهم. عقدوا النية على بغضته للنهاية، وهو عقد النية على محبتهم للنهاية. فعندما لم يستقبلوه في بيتٍ، قَبِل أن يولد في مذود. وعندما لم يقبلوه ليسكن بينهم، قَبِل أن يبيت في الجبل. وعندما صلبوه وعلّقوه على الخشبة، طلب الغفران لصالبيه. وفي النهاية عندما طعنوه ميتاً، أبى إلا أن يعلن مُجدَّداً أنه لازال يحبهم؛ فأجابهم بدم وماء، وهذين - كما سنرى - فيهما علاج البشرية من كل أدرانها، أي أنه أحبهم حياً وأحبهم ميتاً. وعندما وصل جنون كراهيتم إلى منتهاه، فطعنوه بعد موته، أخرج لهم من جنبه الطعين دواءهم، الدواء الذي يشفيهم من بغضتهم، ويُعيدهم إلى صوابهم، ويمنع عنهم عقابهم: أخرج لهم دم وماء... فيا له من حُب! |
||||
اليوم, 01:30 PM | رقم المشاركة : ( 178032 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عظمة الكلمة النبوية لقد تنفس يوحنا الصعداء عندما عبَروا عن السيد ولم يكسروا ساقيه، وتألم كثيراً عندما طعنوه، لكنه رأى في هذا وذاك روعة وعظمة الكلمة النبوية، كما رأى أيضاً سلطان الله المطلق في السيطرة على شر الأشرار لكي لا يفعلوا في النهاية - رغماً عن شرهم الكثير - سوى ما سبقت وعيَّنت يده ومشوراته أن يكون. فلقد جاء جنود الظلم، بجنون الظلم، ليعملوا شيئاً نووا أن يعملوه، وجاءوا وهم لا ينوون أن يعملوا شيئاً آخر إلا أنهم عملوه. لقد جاءوا ليكسروا ساقيه فلم يكسروها، ولم يأتوا ليطعنوه لكنهم طعنوه. لكن يا للعجب: فما لم يعملوه مع أنهم نووا أن يعملوه، لم يعملوه لأن الكتاب قال ذلك. وما عملوه مع أنهم لم ينووا أن يعملوه، عملوه لأن الكتاب أنبأ بذلك. فعندما أعطى الرب موسى شريعة الفصح؛ كيف يأكله بني اسرائيل، قال لهم موصياً «في بيت واحد يؤكل، لا تُخرج من اللحم من البيت إلى خارج وعظماً لا تكسروا منه» (خر12: 46). كما أن داود وهو يسجل لنا عن صلاح الله مع الصدّيق حتى وإن سمح له بضيق يقول «كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب. يحفظ جميع عظامه، واحدٌ منها لا ينكسر» (مز34: 19،20). وكذلك عندما تحدّث الرب لزكريا عن يوم قادم، سيأتي بعد اختطاف الكنيسة، فيه سيفيض الرب على بيت إسرائيل روح النعمة والتضرعات يقول «فينظرون إلىَّ الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيد له، ويكونون في مرارة عليه كمن هو في مرارة على بكره، في ذلك اليوم يعظم النوح في أورشليم» (زك12: 10،11). ومن المُلفت للنظر أن يوحنا عندما أشار إلى قول الكتاب بخصوص عدم كسر العظام، قال «ليتم الكتاب القائل»، بينما عندما أشار إلى نبوة الكتاب بخصوص الطعن قال «وأيضاً يقول كتاب آخر»، ولم يَقُل ليتم الكتاب كما قال في الأول، ذلك لأن النبوة لم تتم بعد، فلم يأتِ الوقت الذي فيه ينظر بنو إسرائيل إلى الذي طعنوه، عندما يتم كلام يوحنا أيضاً في سفر الرؤيا، إذ يقول «هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض، نعم آمين» (رؤ1:7). ونلاحظ أيضاً أنه عندما أشار إلى قول زكريا، لم ينقل الكلام حرفياً، فلم يَقُل «ينظرون إلىَّ» بل قال «ينظرون إلى»، لأن المتكلم هناك هو الرب يهوه، المسيح نفسه، أما هنا فالمتكلم هو يوحنا. فيا له من كتاب عجيب! |
||||
اليوم, 01:31 PM | رقم المشاركة : ( 178033 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبعاد مشكلة الخطية: لقد قَبِل المسيح الموت لأنه أحب البشرية، ولم تكن هناك وسيلة أخرى يعبّر بها عن حُبه سوى الموت. وهل هناك أسمى من الحياة؟ وعندما يقدِّم المحب حياته لمحبوبه، أ ليست هذه أسمى درجات الحب؟ هذا ما قاله المسيح لتلاميذه «ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه» (يو15: 13). إلا أن المسيح لم يَمُت موتاً رومانسياً لمجرد أن يعبِّر بموته عن محبته للبشرية، بل كان حبه في منتهى الواقعية، كان حباً عملياً، لأن البشرية كانت في حاجة مُلَّحة لهذا الموت: موته هو بالذات. فلم يمسك نفسه عنها، ولم يتأخر عن تلبية احتياجها. وما سر احتياج البشرية للموت وموت المسيح بالذات؟ الإجابة ببساطة لأنها كانت تعاني من مأساة لا شفاء منها إلا بالدم والماء اللذين ما كان يمكن أن يقدمها المسيح لها إلا بموته. وما هي هذه المأساة؟ هي الخطية. هذا للأسف الشديد ما يجهله الكثيرون إلى الآن: إن مأساة البشرية الحقيقية هي في الخطية: فالفقر والجهل والمرض، المجاعات والأوبئة والزلازل، الانهيار الأخلاقي والفشل الاقتصادي والصراع السياسي، التلوث والتصحر... كل هذه ما هي إلاّ مظاهر وأعراض لهذا المرض العضال: الخطية. وعليه فالأطباء والسياسيون والمُصلحون والعلماء والاقتصاديون والقضاة؛ إنما يعالجون أعراض المرض الذي تفشّى وانتشر في جسم البشرية كقول الكتاب «كل الرأس مريض وكل القلب سقيم، من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جُرح وأحباط وضربة طرية لم تُعصر ولم تُعصب ولم تليَّن بالزيت» (إش1: 5،6). ولذلك فكل مجهودات المُخلصين منهم لا تُعالج المرض نفسه. وبالتالي فاحتياج البشرية الحقيقي والأساسي ليس لهؤلاء، لكن لمخلِّص، لأن مشكلتها هي الخطية. وعندما جاء المسيح إلى الأرض من العذراء مريم، قال عنه الملاك ليوسف رجلها البار «وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلَّص شعبه من خطاياهم» (مت1: 21). وعندما بشّر الملاك الرعاة بمولده، قال لهم «إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لو2: 11). |
||||
اليوم, 01:33 PM | رقم المشاركة : ( 178034 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الدم والماء وأثر الخطية المزدوج وما علاقة الدم والماء، اللذين قدمهما المسيح عند موته، بحل مشكلة الخطية؟ أولاً: دعنا نتفق على الآتي: أ- إن وظيفة كل من الماء والدم في الكتاب هي التطهير. هذا ما أوضحه العهد القديم برموزه، والعهد الجديد بإعلاناته. انظر على سبيل المثال هذه العبارات عن الدم: * في العهد القديم: «وأخذ موسى الدم وجعله على قرون المذبح مستديراً باصبعه وطهر المذبح» (لا8: 15). «ويأمر الكاهن أن يذبح العصفور الواحد ... ويغمسها ... في دم العصفور المذبوح ... وينضح على المتطهر من البرص سبع مرات فيطهره» (لا14: 5-7). «وينضح عليه من الدم باصبعه سبع مرات ويطهره ويقدسه من نجاسات بني اسرائيل» (لا16: 19). - في العهد الجديد: « وكل شيء تقريباً يتطهر حسب الناموس بالدم» (عب9: 22). «فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب، يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي» (عب9: 14). «دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية» (1يو1: 7). إذاً، فالدم يطهر. وكذلك تكلم الكتاب كثيراً في عهديه عن فاعلية الماء في التطهير: فيقول في العهد القديم: «فيغسل المتطهر ثيابه ويحلق كل شعره ويستحم بماء فيطهر» (لا14: 8). «ويرحض جسده بماء فيطهر» (لا14: 9). «وأرش عليكم ماءً طاهراً فتطهرون من كل نجاستكم» (حز36: 25). وفي العهد الجديد يقول: «لكي يقدسها مُطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة» (أف5: 26). إذاً فالماء يطهر. 2 - إن الدم والماء اللذين خرجا من جنب المسيح، خرجا منه بعد موته وليس أثناء حياته. وبما أننا اتفقنا أن كلاً من الدم والماء فاعليته هى التطهير، إذاً فالمسيح مات لكي يطهر. إلا أن تطهيره هذا تطهير مزدوج، ولذا لم يكتفِ بالدم وحده أو بالماء وحده. ولماذا التطهير مزدوج؟ لأن أثر الخطية على الإنسان كان أثراً مزدوجاً. فالخطية جعلت الإنسان مُذنباً وجعلته أيضاً نجساً؛ وعليه فهو يحتاج إلى تطهير قضائي من الذنب، وتطهير أدبي من الدنس. وللأول قدَّم المسيح الدم، وللثاني قدَّم المسيح الماء. |
||||
اليوم, 01:34 PM | رقم المشاركة : ( 178035 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شقا الخطية عندما اتخذ آدم قراره بعصيان الله والاستقلال عنه، وأكل من الشجرة المنهي عنها؛ حدث شيئان: الشيء الأول أنه أوقع نفسه في مُسائلة قضائية توقفه مُذنباً أمام القاضي العادل الذي سبق وأوصاه بوضوح شديد ألاّ يأكل من ثمر هذه الشجرة، وأعلمه أيضاً نتيجة عصيان هذه الوصية، إذ قال له «يوم تأكل منها موتاً تموت» (تك2: 17). هذا هو الشق القضائي في مشكلة الخطية. لكن، لم يقف الأمر عند هذا الحد، فالخطية أوجدت الاستقلالية عن الله، ولا أعرف مدى تصورك للأبعاد المدمرة لهذه الاستقلالية. فاستقلاليته هذه عن الله جعلته كالعضو الذي يُبتر من الجسد، أي يستقل عن مصدر حياته، وهو إذ ليس له حياة في ذاته - أي نابعة منه - تكون النتيجة أنه بسرعة تعمل فيه عوامل الفساد والتحلل، فلا يُطاق منظره ولا تُحتمل رائحته ويصبح دفنه بسرعة، ضرورة حتمية. أو كالأرض إذا استقلت عن الشمس واكتفت بدورانها حول نفسها، أي انفصلت عن مصدر نورها، وهى إذ ليس لها نور في ذاتها - ينبع منها - فإنها حالاً، وبمجرد استقلالها، تُظلم وتختفي من عليها كل صور الحياة، وتهيم في هذا الكون الفسيح وتنتهي إلى الضياع. هذا تقريباً ما حدث للإنسان، فاستقلاله عن الله باختياره فصله عن مصدر الحياة وعن مصدر النور. وهذا التعس إذ ليس له حياة في ذاته وليس له نور في ذاته، مات أدبياً وفسد أخلاقياً وأظلم روحياً ولم يَعُد يُطاق في منظره ولا في رائحته، وأصبح دفنه ضرورة حتمية. وهذا هو الشق الأدبي في مشكلة الخطية. |
||||
اليوم, 01:35 PM | رقم المشاركة : ( 178036 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آدم بعد السقوط أصبح كيانه الداخلي مُداناً قضائياً وفاسداً أدبياً. ولكن هذا الكيان الداخلي هو الذي انحدر منه كل الجنس البشري؛ وعليه فقد أصبح الإنسان يولد من بطن أمه وهو مُدان قضائياً وفاسد أدبياً. وهذا ما أشارت إليه شريعة قديمة في الناموس إذ كانت تحتم على أي امرأة تلد أن تظل نجسة (لا12). فلماذا تصبح المرأة نجسة إذا ولدت؟ لأنها أدخلت إلى العالم كياناً جديداً مُداناً قضائياً وفاسداً أدبياً. وهذا ما يقرره الرسول في رومية5: 12،14 إذ يقول «من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع (أي وجد الجميع خطاة)». ويؤكد هذا أيضاً بالقول «قد ملك الموت من آدم إلى موسى وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم»، أي أن الإنسان محكوم عليه بالموت على الرغم من عدم وجود ناموس يجعل الخطية تعدياً، وذلك لسبب بسيط: أن الإنسان، من قبل أن يفعل الخطايا، هو مولود مُداناً قضائياً وفاسداً أدبياً؛ وكلاهما يستوجب الموت. |
||||
اليوم, 01:36 PM | رقم المشاركة : ( 178037 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مأساة الخطية بشقيها لم تقف عند حد التوارث فقط، بل هي أيضاً تتكاثر، فالإنسان مولود بالطبيعة وكيانه الداخلي (الجسد) مُدان من الله لأنه مستقل عنه، لكن لكون هذا الكيان المستقل عن الله (الجسد) يسكن في إنسان عاقل ومريد، أي عنده عقل يبتكر وإرادة تنفذ، تحوَّل هذا الإنسان - بفعل الخطية الساكنة فيه - إلى وحدة نشطة مُنتجة، إنتاجها للأسف الشديد هو الخطايا: التعديات والآثام. وهنا ازدادت وتعقدت المشكلة قضائياً، فلم يَعُد الإنسان فقط ذا كيان مُدان بل أيضاً ذا أعمال تستذنبه أمام الله، فصار الإنسان مُداناً بخطيته ومُذنباً بخطاياه. ومن الناحية الأدبية، تعقدت المشكلة أيضاً، إذ أن الشيطان وقد أدرك جيداً فساد الإنسان الداخلي ورغباته ونزواته التي تقوده بعيداً عن الله، هيّأ للإنسان عالماً كدّسه بكل ما تطلبه رغبات الإنسان الفاسدة؛ وهكذا، صار العالم الحاضر هو البيئة المناسبة جداً لبذور الفساد الأدبي الموجودة داخل الإنسان. وبوجود الإنسان في هذا العالم، تنمو وتترعرع هذه البذور السوداءً وتقذف ثمارها الحسكية، وتملأ الأرض انحطاطاً أدبياً وفساداً أخلاقياً وموتاً روحياً. هذا ما يصفه الكتاب في أفسس2: 1-3؛ 2بطرس1: 4. |
||||