رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نقطة التحول في حياة إبراهيم ولأكثر من أربعمائة سنة، كان الله يحتمل خلالها شر العالم، عندئذ يظهر كإله المجد لإنسان على الأرض، ويتعامل معه على مبدأ جديد تماماً، هو مبدأ دعوة الله بالنعمة المطلقة، هذا المبدأ الجديد لم يطرح جانباً مبدأ الحكومات، كما لم تكن هناك فكرة لتحسين وإصلاح العالم وشره، فلقد ترك الله العالم كما هو، ولكن تتجه دعوة الله في أكمل صورة لها من نحو فرد يختار على مبدأ النعمة ويدعى للخروج من هذا العالم. وليس لنا غير أن نتيقن من أهمية هذا الحق الثمين – حق دعوة الله المطلقة خصوصاً عندما نتحول إلى العهد الجديد، حيث نرى الله في مطلق سلطانه لا يزال يتعامل بهذا المبدأ عينه الآن، والكنيسة ليست سوى أفراداً دعوا بالنعمة، والرسول بولس لا يخبرنا أن الله "خلصنا" فقط بل "دعانا" أيضاً وهذه الدعوة هي: "دعوة مقدسة .. بمقتضى القصد والنعمة" (2 تي 1: 9). وفي الرسالة إلى أهل رومية يذكرنا الرسول أن المؤمنين "مدعوون حسب قصده"، (روميه 8: 28) وفي الرسالة إلى العبرانيين يطلب من المؤمنين بوصفهم "شركاء الدعوة السماوية" (عب 3: 1). كذلك الرسول بطرس يخبرنا أن الله "دعانا من الظلمة إلى نوره العجيب" ويختم بالقول "إله كل نعمة .. دعانا إلى مجده الأبدي" (1 بط 2: 9، 5: 10). من هذه الأقوال كلها يتضح أن المؤمنين لم يخلصوا فقط بل دعوا أيضاً. إن أول ما تهتم به النفس المضطربة هو الخلاص كما نرى ذلك في سجان فيلبي إذ سأل "ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص"؟. ونحن أيضاً غالباً بعدما ننال الخلاص بالإيمان بالمسيح وعمله الكامل فإننا نكتفي بمعرفة هذا القدر ونستريح على أن خطايانا قد غفرت وأننا احتمينا من الدينونة وخلصنا من جهنم، وننسى أن إنجيل الخلاص إنما يتضمن أيضاً دعوة الله لنا إلى مجد المسيح؟ إن الرسول بولس لا يكتفي بالقول لمؤمني تسالونيكي "إن الله اختاركم من البدء للخلاص" بل يضيف إلى ذلك قوله "دعاكم إليه بإنجيلنا لاقتناء مجد ربنا يسوع المسيح" (2 تس 2: 13 و 14). هذه الفصول العديدة توضح لنا بكل جلاء أن الله إذ دعانا فذلك راجع إلى أنه قد قصد ذلك في قلبه إشباعاً لعواطفه الإلهية، كما نرى أيضاً أن هذه "الدعوة" تتضمن دعوتنا من عالم موضوع في الظلمة أو الجهل بالله إلى النور العجيب، نور كل ما قصده الله لنا في المسيح ربنا، وإن كنا مدعوون للسماء فذلك لكي ننال مجد ربنا يسوع المسيح، إن جعالة دعوة الله العليا أن نكون مع المسيح ومثله. هذه هي بعض الحقائق المباركة المرتبطة بدعوة الله كما تصورها لنا حياة إبراهيم خليل الله. وتبرز أهمية قصة حياة إبراهيم في هذه الحقيقة أن هذا الحق العظيم لدعوة الله غير مطروحة أمامنا في صورة نصوص تعليمية بل تبرز في حياة رجل تحت الآلام مثلنا، ومعروضة أمامنا بشكل مبسط يمكن أن يدركها أبسط شخص. |
|