* نعم، إن حبر جرح منقية للشرير، وضربات بالغة مخادع البطن. أي أنه عندما نُضْرَب من الخارج، فإننا نُسْتَدعَى في صمت مُعَذَبين لنتذكر خطايانا ونراها بعيوننا. وبمقدار ما نتألم خارجيًا، بقدر ما نحزن داخليًا على أفعالنا. وهكذا تتزامن جروح الجسد الخارجية مع الآلام السرية التي تطهر مخادع البطن تمامًا. إن الحزن على الجراح الخفية يشفي خبث الأفعال الشريرة.
ينبغي أن نعظ العليل حتى يحتفظ بفضيلة الحلم، وحتى يتفكر كم هي عظيمة العذابات التي تحملها مخلصنا على أيدي الذين جبلهم. وكم كانت تلك الإهانات بالغة ومفزعة، كم كانت الصفعات على الوجه الطاهر كثيرة على أيدي الهازئين. هذا كله بينما يختطف المخلص كل يوم نفوسًا من الأسرى الذين في قبضة العدو القديم. وبينما كان يغسلنا بماء الخلاص، لم يجفف وجهه من بصاق الغادرين. لقد تحمل في صمت سبابنا ليحررنا من العذاب الأبدي من قِبَل دوره كوسيطٍ، لقد تَحمَّل اللطم ليمنحنا مجدًا خالدًا مع جوقات الملائكة. وبينما خلصنا من تبكيت خطايانا، لم يخشَ من أن يُعرِّضَ رأسه للشوك. لقد قبل مرارة الحقد في عطشه لكي يُسكرنا بعذوبة الماء الأبدي. وعندما قدموا له العبادة مستهزئين صمتَ، وقدم عنا عبادة الحب للآب مع أنه مساوٍ له في الجوهر. وبالرغم من أنه هو الحياة، عبر إلى الموت حتى يُعِدَّ الحياة للأموات. إذًا لماذا يصعب على الإنسان أن يتقبل الضربات الإلهية بسبب أفعاله الشريرة، إذا كان الله قد تحمل شرًا هذا مقداره جزاء أفعاله الصالحة؟ ومن ذاك الحكيم والعاقل الذي يتنكر للجميل لأن الآلام قد ضربته، بينما لم يَسْلَم المخلص الذي عاش بلا خطية من ضرب السياط؟
البابا غريغوريوس (الكبير)